كيف تساهم "أنشطة الطبيعة" في تعزيز الصحة النفسية؟

اليوم, 16:50

+A -A
الغد برس/متابعة 

أظهرت برامج مجتمعية قائمة على الطبيعة، مثل البستنة، والزراعة الاجتماعية، وتمارين التأمل في الهواء الطلق، تحسنًا ملحوظًا في الصحة النفسية للمشاركين في مختلف أنحاء إنجلترا، وفقًا لتقييم نُشر في مجلة "الرعاية الصحية والاجتماعية في المجتمع“. 

وتسلط النتائج الضوء على إمكانات "الوصفات الاجتماعية الخضراء" كنهج مكمّل للعلاجات النفسية التقليدية.

وتأتي هذه الدراسة ضمن برنامج تجريبي وطني يشمل سبع مناطق، حيث تتبعت النتائج النفسية لأكثر من 220 شخصًا في منطقتي هامبر وشمال يوركشاير في المملكة المتحدة، أُحيلوا من قبل مقدمي الرعاية الصحية للمشاركة في أنشطة قائمة على الطبيعة. 

وعلى مدار 12 أسبوعًا، أفاد المشاركون بانخفاض في أعراض القلق والاكتئاب، مع تحسّنات تُقارن بالعلاج السلوكي المعرفي قصير المدى.

تأثير ملموس خلال أسابيع

وحضر المشاركون جلسات منظمة في الهواء الطلق شملت أنشطة مثل الزراعة والبستنة والحِرف اليدوية والنشاط البدني. وتم تقييم صحتهم النفسية باستخدام مقياس القلق والاكتئاب المعتمد في المستشفيات (HADS)، ومقاييس الرفاهية الشخصية التابعة لمكتب الإحصاءات الوطنية، قبل وبعد فترة المشاركة.

وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين التزموا ببرامج أطول، تتراوح بين تسعة إلى 12 أسبوعًا، وخاصة في أنشطة الزراعة والبستنة، سجلوا تحسنًا أكبر في المزاج وانخفاضًا في مستويات القلق مقارنة بمن شاركوا لفترات أقصر أو في أنشطة أخرى مثل الحرف أو التمارين الرياضية.

وأكد الباحثون أن هذه الأنشطة تُعزز الإحساس بالترابط مع الطبيعة والمجتمع، وهو عنصر أساسي في تقليل الشعور بالعزلة وتحسين الحالة المزاجية. 

وقال فريق جامعة يورك، الذي قاد التقييم، إن النتائج تعزز الأدلة المتزايدة على فاعلية التدخلات البيئية في دعم الصحة النفسية.

تحسن ملحوظ في مختلف الفئات

وسُجلت التحسنات النفسية في الفئات العمرية جميعها، من 18 إلى 85 عامًا، وبين كلا الجنسين. وبرزت مشاركة كبيرة من أشخاص من خلفيات اجتماعية واقتصادية متدنية، حيث شكّلوا 65% من المشاركين، ما يشير إلى قدرة هذا النهج على الوصول إلى شرائح قد تواجه صعوبة في الوصول إلى خدمات العلاج التقليدي.

وبيّنت الدراسة أن نسبة المشاركة كانت مرتفعة خصوصًا في الأنشطة الزراعية، التي لا تسهم فقط في تحسين صحة الأفراد النفسية، بل في الحفاظ على المساحات الخضراء المحلية وتحسينها.

وقالت تريش دارسي، الباحثة في مجموعة أبحاث الصحة النفسية والإدمان في جامعة يورك، إن استمرار هذا النوع من التدخل يتطلب تمويلاً إضافيًا لتوسيع نطاقه وضمان توفير موظفي وصفات اجتماعية خضراء يمكن للأطباء وغيرهم من العاملين في القطاع الصحي إحالة المرضى إليهم.

دور المجتمع في تعزيز خدمات الصحة

وتُتيح الوصفات الاجتماعية الخضراء للأطباء إحالة المرضى إلى أنشطة مجتمعية في الهواء الطلق ضمن خطة رعاية أوسع، وهو نهج يكتسب اهتمامًا متزايدًا لما له من قيمة وقائية وقدرته على ربط خدمات الصحة الرسمية بالمنظمات المحلية.

وأوضحت الدكتورة هانا أرمِت، المسؤولة السريرية للبرنامج التجريبي الإقليمي، أن النتائج من شأنها أن توجه تطوير الخدمات المستقبلية من خلال دمج الرعاية الرسمية بالمبادرات البيئية المجتمعية. 

وأضافت: "من الضروري مواصلة جمع الأدلة لضمان استخدام الموارد الطبيعية المتاحة بطريقة مدروسة من قبل المرضى والكوادر الصحية على حد سواء".

ويأمل الباحثون أن تمهد هذه النتائج الأولية الطريق لتبني هذا النهج على نطاق أوسع، ليصبح أحد أعمدة منظومة الصحة النفسية، باعتباره حلاً طبيعيًا، ومجانيًا، ومتاحًا في قلب المجتمعات المحلية.



كلمات مفتاحية :



آخر الأخبار