السوداني يؤكد على العمل بالتوقيع الالكتروني في انجاز معاملات المواطنين
أمس, 14:13
الغد برس/ متابعة
مع تزايد المنافسة بين وسائل الإعلام المؤسسية ومنصات التواصل الاجتماعي، يبرز الـ«جيل زد»، بوصفه شريحة مهمة وواسعة من الجمهور، يسعى كل طرف لاجتذابها، ما دفع عدداً من الناشرين لاعتماد مقاطع الفيديو القصيرة و«الميمز» الساخرة في إعادة إنتاج المحتوى الإخباري، معوّلين عليها في جذب أبناء هذا الجيل. وفي حين يرى خبراء أن الشباب يريدون محتوى سريعاً وطريفاً، فإنهم شدّدوا على أن مخاطبتهم باللغة التي يفهمونها لا تعني بالضرورة التخلي عن المهنية.
تقرير نشره «معهد رويترز لدراسات الصحافة» أخيراً، أشار إلى أن الـ«جيل زد» حيّر لسنوات ناشري الأخبار، لا سيما أن كثيرين من أبناء وبنات هذا الجيل يتجنبون الأخبار، وينجذبون إلى صُناع المحتوى. لكن التقرير أكد أنه على الرغم من قلة اهتمام الشباب الواضح بالوسائل التقليدية، فهم لا يزالون مهتمين بالأخبار.
وفي محاولة لجذب الشباب، لفت التقرير إلى أن «نحو 42 في المائة من الناشرين الذي استطلع المعهد آراءهم، أكدوا عزمهم إطلاق منتج شبابي هذا العام». وأوضح أن «ثمة مبادرات عدة في هذا السياق يصار من خلالها إلى إعادة إنتاج المحتوى الإخباري في نصوص قصيرة، ومقاطع فيديو وميمز ساخرة».
محمود غزيّل، الصحافي اللبناني والمدرّب في مجال التحقق من المعلومات، قال إن «جميع الأجيال تتوق إلى المعرفة، لكن أساليب الحصول عليها تتغير مع تطور التكنولوجيا وتبدّل عادات الاستخدام... ومع صعود منصات مثل (تيك توك) وانتشار الريلز ما عاد المحتوى التقليدي قادراً على جذب انتباه الجيل الجديد، وبخاصة الجيل زد، الذي نشأ في بيئة رقمية سريعة الإيقاع تعتمد على المشاهد البصرية المختصرة والمؤثرة».
وأردف غزيل أن «المؤسسات الإعلامية اضطرت إلى مجاراة هذا التغيير، فلم يعد ممكناً الاكتفاء بنشر التقارير كما هي، بل بات من الضروري إعادة تعليب المحتوى كي يتماشى مع خصائص المنصات الاجتماعية».
ومن ثم أفاد بأن «مبادرات في العالم العربي لمؤسسات إعلامية أطلقت حسابات تحمل طابعاً شبابياً يعتمد على مقاطع الفيديو المؤثرة، والمؤثرات الصوتية والبصرية... ولكن في الوقت نفسه، لا تزال مؤسسات عدة تتردد في استخدام أدوات مثل الميمز أو المحتوى الفكاهي، خوفاً من التأثير على صورتها الرصينة». وتابع أن «هذا التردد قد يؤدي إلى خسارة شريحة واسعة من الجمهور، لا سيما الشباب».
محمود غزيل أوضح أيضاً أنه «لا يمكن إنكار أن الميمز غدت وسيلة تعبير سياسي وإخباري فعالة، وبالأخص حين تُستخدم بشكل ذكي يوازن بين الطرافة والرسالة... والحكومات الكبرى، مثل الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترمب، لجأت إلى استخدام الميمز والمحتوى الترفيهي لنشر رسائل سياسية ومواجهة الحملات المضادة».
وأكد من ثم أن «الجيل زد يريد محتوى يشبهه... محتوىً سريعاً بصرياً ومباشراً»، وشدد على أن «هذا لا يعني التخلي عن المهنية، بل إعادة تقديمها بصيغة تتناسب مع العصر الرقمي، ثم إن الشباب لا يبحثون فقط عن الضحك، بل أيضاً عن المعلومة المغلّفة بطريقة يفهمونها ويتفاعلون معها». ودلل على هذا بـ«تزايد الإقبال على مواد البودكاست الإخبارية المختصرة، والمقاطع التي لا تتعدى الدقيقة أو الدقيقتين».
من جهة ثانية، ذكر «معهد رويترز» في تقريره أن «الفئات الشابة في العديد من البلدان تظهر ارتباطاً أضعف بالمؤسسات الإخبارية مقارنةً بالماضي، وأن الفيديو أصبح مصدراً أكثر أهمية للأخبار خاصة بين الفئات العمرية الأصغر سناً». وبيّن أن «منصات مثل (تيك توك) و(يوتيوب) و(إنستغرام) باتت من أساسيات تلقي الشباب للأخبار».
في هذا الإطار، قال معتز نادي، الصحافي المصري المتخصص في الإعلام الرقمي، إن «وسائل الإعلام أمام تحدٍّ وجودي حقيقي في كيفية مخاطبة الجيل زد الذي لا يكتفي باستهلاك المحتوى، بل يعيد تشكيله، ويختار لغته، ويقرر كيف ومتى يتفاعل معه». وأضاف أنه «في هذا العصر الرقمي المتسارع، لم تعد سرديات الأخبار تُروى عبر أعمدة الصحف أو حتى نشرات المساء، بل عبر ميم ساخر أو فيديو لا يتجاوز ثلاثين ثانية».
ثم أوضح أن «الرهان الأكبر لوسائل الإعلام الآن ما عاد يكمن فقط في الحضور على المنصات الرقمية، بل يشمل إعادة صياغة المحتوى الإخباري بلغة العصر، مع الحفاظ على المضمون والهوية المهنية»، وشدد على أن «الجيل زد يعيش في قلب الشاشات لكنه لا يرفض المعرفة، بل يطلبها بصيغته الخاصة المتأرجحة بين محتوى بصري، موجز، تفاعلي، ولا يخلو من الطرافة والوضوح».
وفي رأي نادي: «المطلوب ليس استنساخ أسلوب المؤثرين أو مطاردة التريند بعشوائية، بل بناء خطاب إعلامي جديد يجمع بين الموثوقية والابتكار»، مستطرداً أن ثمة «فرصة ذهبية الآن لإعادة تقديم الرسالة أو المحتوى الإخباري بأدوات جديدة تُواكب العصر، من دون أن تفقد قِيَمها الأولى التي تنشد الحفاظ عليها».
كلمات مفتاحية :
آخر الأخبار