التخطيط: أجرينا تعداداً للبدو الرحل في النجف والمثنى ونينوى والأنبار وذي قار
أمس, 14:30
لم تكن حياة المصارع الأمريكي زيون كلارك سهلة، فقد اجتمعت عليه العديد من الظروف السيئة لتجعل فترة طفولته وبداية المراهقة صعبة جداً، بسبب ولادته بنصف جسد، وكذلك تخلي والدته عنه، ليعيش بين دور الأيتام والملاجئ إلى حدود سن 17.
كما أنه لم يجد عائلة تتبناه بسبب شكل جسده، الناتج عن تعرضه لمتلازمة التراجع الذيلي، الأمر الذي عرّضه للتنمر لسنوات طويلة، قبل أن يكرس كل وقته لممارسة الرياضة، وتتحول حياته لقصة نجاح ملهمة، ويتحول إلى أحد مشاهير الرياضة، في الولايات المتحدة، والعالم.
زيون كلارك.. وُلد بدون عائلة وبمرض نادر
وُلد زيون كلارك في 29 أيلول 1997 في مدينة كولومبوس بولاية أوهايو الأمريكية، لكنه لم يتمكن من العيش رفقة عائلته الحقيقية قط، وذلك لأن والدته كانت في السجن عندما كانت حاملاً به، فيما كانت غير مؤهلة لتربية الأطفال، بسبب إدمانها على الكحول، إضافة إلى أن والده كان مجهول الهوية.
ومباشرة بعد ولادته، وعودة والدته إلى السجن، تم نقل زيون كلارك لإحدى دور الرعاية في المدينة، لكنه لم يعش هناك طويلاً، بعدما تم اكتشاف إصابته بمتلازمة التراجع الذيلي، وهي التي تسبب عدم اكتمال نمو الجزء السفلي من الجسم، ليفتقد المصاب بها رجليه، فيما يعاني من عدة اضطرابات، وتشوهات في بعض أعضائه الداخلية وأعضائه التناسلية.
تنقل كلارك بين عدة دور رعاية، وذلك لتخليهم عنه بسبب مرضه، فيما لم يتم تبنيه من طرف أي عائلة، بسبب شكل جسمه الغريب، والذي كان يعرّضه للتنمر بشكل مستمر، كما أنه اضطر للخضوع لعمليتين جراحيتين من أجل التمكن من الجلوس بشكل مستقيم.
لكن زيون كلارك وجد في الرياضة وسيلة للتخفيف عن معاناته، وشرع في تعلم فن المصارعة في سن مبكرة، عندما كان يدرس في المرحلة الابتدائية، لكن مهاراته لم تكن عالية، وذلك بسبب عدم توفره على مدرب خاص، يمكنه من احتراف هذه الرياضة بطريقة صحيحة، مع مراعاة مرضه.
فيما كان مولعاً بالموسيقى والعزف على الطبول، هذه الأخيرة التي تعرّف عليها لأول مرة خلال زيارته للكنيسة، وعمره لم يتجاوز 4 سنوات فقط.
أم جديدة ومدرب جديد.. تحول حياة زيون كلارك
في سنة 2015، عندما بلغ زيون كلارك من العمر 17 سنة، تغيرت حياته بالكامل، وذلك بعدما تم تبنيه من طرف سيدة أمريكية تدعى كيمبرلي هوكينز، وهي أم لطفلين آخرين، ليدخل بعد ذلك إلى ثانوية "ماسيلون"، حيث تعرف على مدربه الحالي جيل دوناهو، الذي أدرك شغفه بالرياضة وقرر تدريبه، ليصبح أقرب صديق له، ورفيقه في رحلة نجاحه.
وعلى مدى 3 سنوات، تمكن كلارك من تحسين مهاراته في رياضة المصارعة، إذ أصبح قادراً على المشاركة في عدة مباريات في الرياضة التي قرر احترافها، فيما كان قادراً على تطوير مهاراته الرياضية بشكل عام، ليصبح صاحب بنية جسمانية قوية، تؤهله للقيام بعدة مهارات أخرى، من بينها الجري على اليدين، والقفز على مرتفعات طويلة.
يقول كلارك، حسب تصريح له نشرته صحيفة "new york post"، إنه يعيش حياته تحت شعار "لا أعذار"، لأن الحياة ليست سهلة، لذلك يجب التكيف مع الظروف الفردية كيفما كانت صعبة، مشيراً إلى أنه لا يحب أن يتأسف الناس على وضعه الصحي، لأنه يستطيع القيام بأشياء كثيرة لا يقدر من هم بجسد كامل على القيام بها، مشيراً إلى أنه كان يتعرض للضرب والاحتقار في كثير من الأحيان، لكن الرد الذي يقدمه لكل من عامله بسوء هو ما وصل له اليوم بفضل عزيمته وإرادته.
فيما أشار إلى ضرورة امتلاك عقلية مختلفة لتحدي الصعاب، وقال : "لا تحصر نفسك فيما يخبرك به المجتمع أنه يمكن وما لا يمكن، يمكنك أن تكون ما تريد أن تكونه، دون أن يتم تعريفك أو وضعك في إطار أو خانة معينة".
فيما قال مدربه: "لقد علمت نقط ضعف كلارك، وعملت على تحسينها مع استغلال نقاط القوة"، وأضاف: "إن إنجازات كلارك تظهر للناس ما تستطيع فعله عن طريق العقل، لأن القيود يمكن تحويلها إلى قوى خارقة إذا كنت تضع عقلك في ذلك".
زيون كلارك.. بطل في رياضة المصارعة
تمكن كلارك من إثبات نفسه في رياضة المصارعة، بعد أن شارك في عدة بطولات للمصارعين لأقل من 50 كيلوغراماً، وبالرغم من أن كان بنصف جسد، وطوله لا يتعدى 90 سنتيمتراً، ووزنه ليس أكثر من 40 كيلوغراماً.
وخلال مشاركته في بطولة "أوهايو للمصارعة"، تمكن زيون كلارك من الفوز على 15 مصارعاً من أصل 33 آخرين، ليصل إلى مرحلة نصف النهائي، ويقابل مصارعاً يفوقه في الطول والوزن الكثير، وبعد 6 دقائق من المحاولة، خسر أمام خصمه.
وبالرغم من نهاية مشواره في البطولة قبل خطوة واحدة من النهائي، فإن كلارك عرف تشجيعاً كبيراً من طرف المشجعين، الذين وقفوا بشكل جماعي صفقوا له بحماس، تعبيراً منهم عن فخرهم بما حققه، مقارنة ببقية المصارعين.
وبالإضافة إلى المصارعة، شارك كلارك في عدة سباقات للكراسي المتحركة، ابتداء من مرحلة الثانوية، في بطولات محلية، وكان دائماً ما يحصل على مراكز متقدمة.
وبعد النجاحات التي قام بها في المجال الرياضي، حصل كلارك على عدة عروض من أجل الإلتحاق بعدة جامعات، واختار من بينها جامعة كينت، الموجودة في ولاية كينت الأمريكية، حيث أمضى سنتين يعمل على تحسين مهاراته بشكل كبير، وكذا تحقيق التفوق على المستوى الدراسي.
زيون كلارك مرتين في موسوعة غينيس
مع تزايد ثقته بنفسه، وارتفاع معدل تصنيفه الوطني في الرياضات التي يحترفها، قرر زيون كلارك تحدي نفسه بشكل أكبر، والمشاركة في الألعاب الأولمبية، ليصبح أول رياضي أمريكي يتنافس في كل من الألعاب الأولمبية في فئة المصارعة، والألعاب الأولمبية للمعاقين في فئة سباقات الكراسي المتحركة لسنة 2024.
ولكي يكون قادراً على النجاح في هذا التحدي، قرر كلارك إحاطة نفسه بفريق عمل قوي، يقوم بتمرينه بشكل مكثف ويومي، إضافة إلى تعرفه على أبطال في الرياضات الأولمبية، أبرزهم البطل جوردان بوروز، الذي تعلم منه الكثير.
وقد تمكن في فترات مختلفة من تسلق الجبال، وكذا القفز من أماكن مرتفعة، إذ أشار إلى أن هدفه الحالي هو القفز من الطائرة.
وإضافة إلى كل هذا، تمكن كلارك من دخول موسوعة غينيس مرتين، الأولى كانت سنة 2021، ليكون أسرع شخص في العالم يقوم بالجري على يديه، خلال مسافة 20 متراً، في مدة 4.78 ثانية.
وقال إنه يطمح في القريب لتحطيم هذا الرقم القياسي، والتمكن من جري نفس المسافة في وقت أقل من الذي حققه.
فيما كانت المرة الثانية التي يدخل فيها الموسوعة العالمية للأرقام القياسية، شهر أكتوبر من سنة 2022، بعدما تمكن من القفز إلى صندوق يبلغ طوله 76 سنتيمتر، مستعملاً يديه فقط.
وبفضل كل هذه الإنجازات التي حققها، بعد أن تم تبنيه، تمكن كلارك من أن يصبح واحداً من بين أكثر الشخصيات إلهاماً عبر العالم.
فقد أصبح اسمه مطلوباً من أجل المشاركة في ندوات في الولايات المتحدة، من أجل التحدث، ومشاركة تجربته مع متلازمة التراجع الذيلي، وكيف تمكن من مواجهتها لتحقيق النجاح.
إضافة إلى إنتاج منصة نتفليكس فيلم وثائقي خاص عنه، سنة 2018، يحكي قصة حياته، منذ طفولته، إلى أن أصبح شخصية ملهمة.
وقد تمكن من فتح موقع إلكتروني خاص به، يشارك فيه مختلف أخباره، وكذا إنجازاته، إضافة إلى فتحه باب التواصل عبره.
كما أن حسابه على إنستغرام قد تجاوز المليون متابع، حيث يشارك صوره الخاصة مع المشاهير، وكذا فيديوهات توثق لحظات التدريبات، والمقابلات التي يجريها.
ومن بين الصور التي شاركها رفقة معجبيه، كانت إلى جانب غانم المفتاح، وهو أشهر الشخصيات في الوطن العربي التي تعاني من متلازمة التراجع الذيلي، إذ عبر عن مدى سعادته بالتعرف ولأول مرة على شخص يعاني نفس المتلازمة التي وُلد بها
كلمات مفتاحية :
آخر الأخبار