تحذيرات أميركية للكيان الإسرائيلي: تعلموا من تجربتنا في العراق الذي أدمى قلوبنا

8-11-2023, 21:03

+A -A
الغد برس/متابعة  
مع دخول حرب غزة شهرها الثاني، واستمرار الكيان الإسرائيلي في خطواته التصعيدية، تتصاعد التحذيرات الأميركية من تكرار سيناريو العراق في غزة.
فالرئيس الأميركي جو بايدن أدلى بتصريحات مبطنة خلال زيارته إلى تل أبيب، اعترف فيها بأن الولايات المتحدة ارتكبت "أخطاء بعد هجمات الحادي عشر من أيلول 2001، داعياً إسرائيل إلى عدم "الانجرار" وراء الرغبة في الانتقام.
ودفعت تلك التصريحات بعدد متزايد من المسؤولين العسكريين والسياسيين إلى تكرار التحذير نفسه، بدرجات غموض متفاوتة.
قال الجنرال ديفيد بترايوس، الذي قاد القوات الأميركية في العراق وأفغانستان، إن "تجارب الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر يجب أن تكون عبرة للكثيرين"، مضيفاً: "نحن ننظر إلى بعض الخطوات التي اتخذناها بطريقة مختلفة الآن... وسوف يأتي وقت تنظر فيه (إسرائيل) للخطوات التي اتخذتها اليوم بالطريقة نفسها".
ولم يكن السيناتور الديمقراطي تيم كاين غامضاً بالدرجة نفسها في تصريحاته، فقد ذكر تجربة العراق بوضوح خلال جلسة استماع في الكونغرس للمصادقة على السفير الأميركي لدى الكيان الإسرائيلي، جاك لو. 
وحذّر كاين تل أبيب من "فقدان المصداقية والدعم الدوليين" في حرب غزة، على غرار ما جرى مع الولايات المتحدة في حرب العراق. 
فقال: "يجب أن نقوم بكل ما يمكننا القيام به لتشجيع حليفتنا إسرائيل على توجيه القتال نحو مرتكبي الجريمة وليس نحو مَن لم يرتكبها. تعلمنا دروساً موجعة هنا في الولايات المتحدة عندما وسّعنا رقعة القتال بعد الحادي عشر من سبتمبر لتشمل حرباً أوسع منها، الحرب ضد العراق، ففقدنا المصداقية والدعم الدولي وخلقنا تبعات كان يمكن تجنبها لو لم نفعل هذا".

استراتيجيات مختلفة وظروف متشابهة
ويرى الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة الوسطى السابق، أن استراتيجيات الكيان الإسرائيلي وأميركا في غزة والعراق مختلفة "لكن الظروف مشابهة". 
وأشار فوتيل إلى أن "الاستراتيجية الأميركية في مكافحة تنظيم داعش "ارتكزت على دعم شركاء الولايات المتحدة على الأرض، مع وجود بعض التجارب المشابهة في المناطق السكنية حيث يوجد المدنيون على مقربة من العمليات العسكرية". 
لكن فوتيل تحدث عن فارق بارز وهو أن الولايات المتحدة "تمهلت في تنفيذ الحملة للحرص على أننا قمنا بكل ما يمكن للحد من تأثير الحملة على المدنيين. ومن المهم أن نشارك تجربتنا مع الجيش والحكومة الإسرائيلية".
من ناحيته، يشير كبير المستشارين العسكريين السابق في وزارة الخارجية الأميركية عباس داهوك إلى أن "هناك تشابهاً في تعقيدات العمليات في المناطق السكنية فهي من أصعب أنواع الحروب". 
وأضاف، أن "الفلوجة كانت الامتحان الأصعب للولايات المتحدة حيث تعلمت دروساً صعبة بطريقة دامية". 
وتحدث داهوك عن تصريحات بعض أعضاء الكونغرس الذين أشاروا إلى أخطاء أميركا من خلال خوض حرب العراق، فقال: "يرى بعض أعضاء مجلس الشيوخ أن تدخلنا في العراق كان خطأ، لكن إسرائيل ترى أن تدخلها في غزة أمر وجودي".
ويعارض مايك سينغ، المدير السابق لمكتب الشرق الأوسط وإيران في البيت الأبيض، فكرة المقارنة بين أميركا والكيان الإسرائيلي في هذا الإطار، لافتاً إلى أنها غير مناسبة. 
لكنه يشير إلى أن تل أبيب "كان من الممكن أن تتعلم بعض الدروس من تجربة أميركا، إلا أن الدروس المناسبة أكثر هي تلك التي تعلمتها من تجاربها الماضية في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان".

تقييم الاستراتيجية والمساعدات الإنسانية
وأشار فوتيل إلى أن الكيان الإسرائيلي في استراتيجيتها العسكرية يركز على "عزل قيادة (حماس) وشن عمليات عسكرية لغارات جوية وعمليات ميدانية لإضعاف قدرة الحركة على شن اعتداءات إضافية ضده".
وانتقد داهوك الاستراتيجية ووصفها بالحملة الانتقامية، قائلاً: "الاستراتيجيات العسكرية تعتمد على الاستخبارات والمصادر المعلوماتية لدفع العمليات لكن يبدو أن (الكيان الإسرائيلي لجأ) إلى الانتقام في قيادة عملياتها العسكرية". 
ورأى داهوك أن عملية الجيش الإسرائيلي الجوية «حوّلت شمال غزة إلى مقبرة للنساء والأطفال والعجزة".
ومع عرقلة وصول المساعدات الإنسانية لغزة، يشدد فوتيل على أهمية تسليم هذه المساعدات، مشيراً إلى أنها "ضرورة استراتيجية". 
ويضيف فوتيل: "من المهم جداً أن نحرص على وجود تعاون وثيق وتخطيط بين الجيش الإسرائيلي والمجتمع الدولي الذي يدعم جهود المساعدات الإنسانية، فقد قمنا بهذا بشكل جيد في حملة (طرد داعش من) الموصل".
أما داهوك فقد أكد أن المساعدات الإنسانية "ليست ضرورة استراتيجية فحسب، بل هي واجب أخلاقي وجزء ضروري من أي حرب"، محذراً من أن "العالم يراقب ما تقوم به (تل أبيب) أو ما فشلت في القيام به من حيث توفير الظروف الملائمة لوصول هذه المساعدات".
أما سينغ فشدد على أن المساعدات الإنسانية ليست قضية قيم ومبادئ، بل إنها مهمة لاستمرار الدعم الغربي لإسرائيل، ولفصل "حماس" عن الشعب الفلسطيني.
"تدمير حماس" مهمة صعبة
مع إعلان الكيان الإسرائيلي أن هدف حرب غزة هو "تدمير حماس"، يحذّر فوتيل، قائلاً إنه من المهم فهم ماذا تعني إسرائيل بـ"تدمير". 
ويضيف: "إذا كانت تعني إزالة قدرة (حماس) على تنفيذ اعتداءات وشنّ حرب، أعتقد أن هذا يمكن تحقيقه. لكنه سيتطلب الكثير من الوقت والموارد".
وتابع "أما إذا كان الهدف قتل أو احتجاز كل زعيم ومقاتل في (حماس) فأعتقد أن هذا سيكون صعباً. بالإضافة إلى ذلك، المهمة الأصعب في محاربة التنظيمات هي التطرق للآيديولوجيا. هذا لا يمكن تحقيقه عسكرياً ويتطلب موارد ضخمة اقتصادية وسياسية ودبلوماسية ومعلوماتية".
من ناحيته، يقول داهوك إن "تدمير حماس كفكرة هدف غير ممكن". ويفسّر قائلاً: "حركة حماس بنت نفسها حول فكرة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي. وهي أيضاً جزء من السياسة الفلسطينية. من السهل قتل الأشخاص لكن من غير السهل قتل الأفكار".
وأردف "على المدى الطويل، من الممكن أن يؤدي حلّ مستدام للصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى عزل (حماس) سياسياً ووضع نهاية لقضيتهم. على المدى القصير، (حماس) تحمل ورقة الرهائن. وهذا قد يرغم حكومة (بنيامين) نتنياهو على التفاوض معها.
أميركا جزء من المعركة
وفي خضم النزاع، تصاعدت الهجمات على القوات الأميركية في المنطقة، ما أدى إلى زيادة التحذيرات من جر الولايات المتحدة إلى الصراع.
ودعا الجنرال فوتيل الإدارة الأميركية لأن "تكون واضحة جداً في أن الولايات المتحدة لن تتساهل مع أي اعتداءات على جيشها أو على كياناتها أو مواقعها الدبلوماسية أو التجارية في المنطقة". 
وأضاف فوتيل: "أعتقد أن الطريقة الأفضل لفعل هذا، هي من خلال ضرب الفصائل التي تشن هذه الاعتداءات مباشرة. السماح باستمرار هذه الاعتداءات من دون عقاب يخلق الانطباع بأن هذه الفصائل تستطيع أن تنجو من الرد. يجب أن نمحو هذا التردد وأن نرد على هذه الاعتداءات بطريقة سريعة ومباشرة".
 
لكن داهوك أوضح أن الولايات المتحدة أصبحت جزءاً من النزاع؛ إذ إنها تقدّم للكيان الإسرائيلي "الردع العسكري والسياسي اللازم لوقف دول ومجموعات من الدخول في الصراع". 
وأضاف داهوك: "نقدّم الردع العسكري من خلال المعدات العسكرية واستعراض القوة في الشرق الأوسط، ونقدم الدعم السياسي في الأمم المتحدة من خلال حق الفيتو والانخراط الدبلوماسي من قبل وزير الخارجية".....
من جهته، يشدد سينغ على ضرورة أن ترد الولايات المتحدة على الهجمات التي تشنها المجموعات المدعومة من إيران من خلال دمج أسلوب "الردع من خلال الدفع"، أي دفاع جوي وصاروخي قوي وتدابير مضادة للمسيّرات، وأسلوب "الردع من خلال العقاب"، أي الرد بحزم على الاعتداءات ضد القوات الأميركية. 
ويختم سينغ: "إذا تجنبت الولايات المتحدة سياسة الردع، فهذا يعني الدعوة للمزيد من الاعتداءات".
(الشرق الأوسط)

كلمات مفتاحية :



آخر الأخبار