دراسة حديثة: "الدهون المخفية" تسرّع شيخوخة القلب وتزيد مخاطر أمراضه

اليوم, 15:32

+A -A

الغد برس/ بغداد 

كشفت دراسة علمية حديثة أن الدهون الحشوية (وهي الدهون المخفية التي تحيط بالأعضاء الداخلية) ترتبط بتسارع عملية شيخوخة القلب والأوعية الدموية، ما يزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب مبكراً.

ورغم أن التقدم في العمر يُعدّ العامل الأكبر لخطورة أمراض القلب، فإن العلماء لطالما تساءلوا: لماذا يشيخ قلب بعض الأشخاص أسرع من غيرهم؟

الدراسة التي قادها فريق من مختبر العلوم الطبية التابع لمجلس البحوث الطبية البريطاني في لندن، ونُشرت في المجلة الأوروبية للقلب تقدّم إجابة جديدة: مكان تراكم الدهون في الجسم قد يكون المفتاح.

اعتمد الباحثون على بيانات أكثر من 21 ألف مشارك في قاعدة بيانات البنك الحيوي البريطاني، التي توفر صوراً كاملة للجسم بتقنية الرنين المغناطيسي، إلى جانب صور تفصيلية للقلب والأوعية.

وباستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، حدد العلماء ما يُسمى بـ"عُمر القلب"، أي العلامات البيولوجية التي تكشف عن شيخوخة مبكرة في الأنسجة مثل التصلب والالتهاب.

كانت النتيجة واضحة، فكلما زادت كمية الدهون الحشوية، زادت سرعة شيخوخة القلب. والمفاجأة أن هذه الدهون لا يمكن تمييزها من الخارج، إذ قد يمتلك بعض الأشخاص وزناً "طبيعياً" لكن مع مستويات مرتفعة من الدهون الحشوية الخفية.

شيخوخة القلب عملية طبيعية لكنها معقدة، تحدث مع التقدم في العمر عندما تبدأ أنسجة القلب والأوعية الدموية بفقدان مرونتها تدريجياً وتزداد صلابتها، ما يضعف قدرة القلب على ضخ الدم بكفاءة ويزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين. 

وتتميز هذه الحالة بظهور تغيرات بيولوجية دقيقة، مثل الالتهاب المزمن منخفض الدرجة، وتصلب جدران الشرايين، وضعف استجابة الخلايا القلبية للإشارات العصبية والهرمونية. 

ورغم أن الشيخوخة أمر لا مفر منه، إلّا أن بعض العوامل مثل تراكم الدهون الحشوية، وارتفاع ضغط الدم، والسكري والتدخين يمكن أن تعجل من وتيرتها وتجعل قلب شخص في الخمسين يبدو وكأنه قلب في السبعين.

وهنا تبرز أهمية رصد شيخوخة القلب مبكراً، إذ يتيح للأطباء فرصة التدخل بوسائل وقائية أو علاجية لتأخير هذه التغيرات، مما يطيل فترة الصحة القلبية ويقلل من خطر النوبات القلبية أو فشل القلب؛ كما أن معرفة "العمر القلبي" مقارنة بالعمر الزمني للشخص تمنح الأفراد وعياً أكبر بحالتهم الصحية الحقيقية، وتشجعهم على تبني أنماط حياة أكثر توازناً، سواء عبر التغذية الصحية أو النشاط البدني أو الفحوص الدورية.

ورصد شيخوخة القلب ليس مجرد إجراء طبي، بل أداة استباقية لحماية أحد أهم أعضاء الجسم وضمان جودة حياة أفضل مع التقدم في العمر.

وقد أظهرت الدراسة أن الفارق بين الرجل والمرأة في توزيع الدهون ليس مجرد مظهر جسدي، بل عامل حاسم في صحة القلب وسرعة تقدمه في العمر، فبينما ارتبط النمط "التفاحي" الشائع لدى الرجال، حيث تتركز الدهون حول البطن، بزيادة خطر الشيخوخة المبكرة للقلب والأوعية الدموية، بدا النمط "الكمثري" الأكثر شيوعاً لدى النساء، مع تراكم الدهون حول الوركين والفخذين، وكأنه يوفر حماية طبيعية تبطئ من عملية الشيخوخة القلبية

وأوضحت الدراسة أن هذه الفوارق ليست سطحية أو شكلية، بل ترتبط بآليات بيولوجية عميقة. فالدهون البطنية، أو ما يُعرف بالدهون الحشوية، تفرز مواد التهابية في الجسم تزيد تصلب الشرايين، وتُضعف مرونة الأنسجة القلبية، وهو ما يسرع الشيخوخة.

في المقابل، يبدو أن الدهون المتركزة في الفخذين والوركين عند النساء أقل نشاطاً من الناحية الالتهابية، بل قد تؤدي إلى توزيع مختلف للطاقة والهرمونات في الجسم يحمي القلب نسبياً.




كلمات مفتاحية :



آخر الأخبار