أولمبياد باريس.. كيف شكلت "النار" رمزًا لهذا المحفل على مر العصور؟

27-07-2024, 17:10

+A -A
الغد برس/متابعة 

خلف الصورة المبهرة في حفل افتتاح أولمبياد باريس وما تخللها من تفاصيل لافتة تابعها العالم على الهواء مباشرة، تكمن أساطير شيقة ورموز وقصص إغريقية مدهشة صنعت مجد هذا المحفل العالمي ووضعت المفاهيم والتصورات الثقافية الأولى لإحدى أشهر الفعاليات الدولية. 

وتأتي النار على رأس تلك الرموز، فهي تجسد معاني القوة والعلم والمعرفة التي استأثرت بها "الآلهة" في جبال الأوليمب لنفسها، لكن أحد الآلهة وهو "برومثيوس" لم يرض بذلك، بحسب الأسطورة الشهيرة. 

إذ تعاطف مع البشر الذين كان يحنو عليهم، كونه المسؤول عن خلقهم من ماء وتراب وقرر أن يمنحهم النار لينقذوا أنفسهم من زمهرير البرد حين حل الشتاء القاسي، رغم علمه بأنه سيوقع نفسه في مشاكل عديدة مع "زيوس"، كبير الآلهة الذي رفض أن يعرف البشر أسرار القوة.

وفعلًا تسلل خفية إلى أحد البراكين وسرق شعلة من النار ومنحها للبشر ففرحوا بها وكانوا شديدي الامتنان له، لكن "زيوس" لم يغفر له فعلته وعدّه متمردًا يستحق العقاب.

وأمر بتقييده إلى صخرة عملاقة وتثبيت جسده بالقيود والسلاسل الحديدية مع تخصيص نسر متوحش يأتي كل يوم لينهش كبده حتى يأتي عليه كاملًا، وفي اليوم التالي ينبت الكبد مجددًا ويأكله النسر مرة أخرى وهكذا ليعيش في متوالية لا نهائية من العذاب.

هنا يأتي دور بطل آخر هو "هيركليس"، الذي يجمع في صفاته بين البشر والآلهة ورأى في الواقعة ظلمًا جائرًا تعرض له "برومثيوس"، فأطلق سهمًا من قوسه العملاق ليقتل النسر وبقبضتيه القويتين حطم أغلال الإله صديق البشر.

وهكذا تجسد شعلة الأولمبياد نضال البشر من أجل المعرفة والوعي والقوة، كما أنها استحضار وتكريم لذكرى كل من يساهم في رفعة شأن الإنسانية حتى لو كان الأمر محض أساطير.

وعند افتتاح دورة الألعاب الأولمبية كل 4 سنوات، تنقل شاشات العالم مراسم إيقاد الشعلة في مدينة "أولمبيا "، جنوبي اليونان.

وهو ما يحيل إلى طقس قديم  في نفس الموضع قبل 2700 عام، حيث كان يوجد معبد الربة "هيرا" وكانت تقام شعائر إضاءة شعلة الأولمبياد تجسيدًا لكاهنات المعبد اللواتي أخذن على أنفسهن في تاريخ سابق على هذا التوقيت إبقاء الشعلة موقدة للأبد.

وحاليًا تتجمع إحدى عشرة فتاة لاسترجاع تلك الطقوس العتيقة ويضئن الشعلة من خلال انعكاس أشعة الشمس على وعاء معدني.

ويبقى السؤال: كيف نشأت الأولمبياد أصلًا في اليونان القديمة؟ 

يقول بعض المؤرخين إنها ظهرت كطقس أقامه "زيوس" احتفالًا بنصره على والده "كرونس"، بينما يقول البعض الآخر إن من أقامها هو "هيركليز" تكريمًا لوالده "زيوس". 

لكن المؤكد أن الألعاب الأولمبية كانت تقام في مدينة "أولمبيا" في وقت الهدنة بين المدن اليونانية المتحاربة وكانت تجسد السلام وشوق البشر إلى التحلي بكمال الجسد وقوة العضلات حتى ينافسوا الآلهة، بحسب المعتقدات القديمة.

وكان الفائزون يُستقبلون في مدنهم استقبال الأبطال، فيما تتوج أغصان الزيتون رؤوسهم وهو ما نراه اليوم في حفلات الافتتاح بكل دورة.



كلمات مفتاحية :



آخر الأخبار