هل تنعش محاولة اغتيال ترامب الثانية حظوظه للفوز بالرئاسة؟

16-09-2024, 19:20

+A -A
الغد برس/متابعة   

بعد يومين من محاولة اغتيال ترامب الأولى، عقد الجمهوريون المؤتمر العام للحزب الجمهوري في "ميلووكي" بولاية "ويسكونسن"، وتم تقديم الرئيس السابق رسميًا ليكون مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وظهر ترامب في المؤتمر مُضمد الأذن نتيجة الإصابة التي تعرض لها في محاولة اغتياله، واستقبله الحضور بآذان مغطاة بالأبيض على سبيل التضامن، وبهتافات حماسية، رددوا خلالها بأعلى صوتهم اسم بلدهم "يو إس إيه، يو إس إيه!" وهتفوا قائلين "قتال!، قتال!، قتال!"، وهي الكلمة التي رددها ترامب لحظة نهض رافعًا قبضته في الهواء ووجهه ملطخ بالدماء، في صورة جابت العالم.

كان ذلك أفضل عملية استثمار قام بها ترامب، وحملته بعد محاولة الاغتيال أثمرت ترشيحه بلا منافس في السباق إلى البيت الأبيض.

 بعد شهرين على ذلك اليوم "السعيد"، تعرض الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقبلة دونالد ترامب لمحاولة اغتيال جديدة، لكن تم إحباطها قبل أن يطلق المتهم رصاصاته إلى هدفها.

مشهد هوليودي

في المرة السابقة استثمر ترامب والجمهوريون من خلفه المحاولة على أكمل وجه. أشعلت صورة المرشح الجمهوري حماس معارضيه قبل المؤيدين عندما كان ملطخًا بالدماء، وخرج من المسرح في بتلر بولاية بنسلفانيا، وهو يضع قبضته تحت العلم الأمريكي، بعد أن لامست رصاصة رأسه، بينما كان يتحدث إلى الآلاف من المؤيدين. 

نال ترامب على إثر هذا المشهد الهوليودي تعاطفًا شعبيًا واسعًا ليس فقط في ميلووكي، وإنما في عموم الولايات المتحدة؛ ما جعل العديد من المراقبين يعتقدون أن إطلاق النار حسم الانتخابات لصالح المرشح الجمهوري.

تُرجم ذلك سريعًا في استطلاعات الرأي التي أظهرت تقدمًا كبيرًا للرئيس السابق على حساب الرئيس الحالي جو بايدن الذي كان يصارع للمنافسة والمضي إلى ولاية رئاسية جديدة وسط مخاوف متزايدة من انهيار فرصه في الفوز على المرشح الجمهوري مع تكرار عثراته بشكل لم يعد بالإمكان التغاضي عنها حتى من أقرب المقربين.

في الواقع جاءت محاولة اغتيال ترامب حينها باعتبارها "المسمار" الأقوى في نعش طموح بايدن بولاية ثانية، قبل أن تطيح به المناظرة المشؤومة أمام ترامب، فخرج من السباق بلا رجعة.

"لا شيء سيوقفني"

واليوم، مع محاولة الاغتيال الثانية، ورغم اختلاف الظروف التي تحيط بها عن المحاولة الأولى من حيث إنها بلا طلقات أو دماء، إلا أن ترامب "الماهر باستثمار واقتناص الفرص" خرج ليعلن لمؤيديه والأمريكيين بعد الحادثة بقليل، وباستعراضاته المعهودة أن "لا شيء سيوقفني .. لن أستسلم .. سأحبكم دائمًا لدعمكم لي".

يعرف ترامب "من أين تؤكل الكتف" ويعلم مدى تأثير مثل هذه الكلمات على الأمريكيين، وهو أفضل من يجيد التلاعب بالحقائق لصالحه، لذلك من المؤكد أن كلماته بعد محاولة اغتياله ستترك أثرًا في نفوس مؤيديه بشكل خاص، وربما في نفوس المترددين الذين لم يحسموا أمرهم بعد، وربما الخصوم ولكن ليس لأمد بعيد. فالصورة اليوم تبدو مختلفة تمامًا عما كانت عليه في منتصف يوليو/تموز الماضي، ليس صورة ترامب فقط، وإنما صورة المشهد العام للمنافسة. 

مشهد مختلف

 في استطلاعات الرأي الأخيرة، يتراجع ترامب خلف كامالا هاريس، لكن السباق يبدو متقاربًا للغاية بحيث لا يمكن التنبؤ به. وبالتالي فإن الفرق كبير بين محاولة الاغتيال الأولى التي كان يواجه فيها خصمًا ضعيفًا هو بايدن يتقدم عليه بفارق كبير في استطلاعات الرأي، ومحاولة الأمس التي يواجه خلالها خصمًا قويًا هي كامالا هاريس، التي تتقدم عليه في آخر استطلاعات للرأي.

يضاف إلى ذلك أن محاولة الاغتيال الجديدة جاءت مسبوقة بمناظرة كانت هاريس هي الفائزة فيها وفق مراقبين، ولهذا يعتقد هؤلاء المراقبون أن على ترامب أن يقلق هذه المرة، فمحاولة اغتياله قد تزيد من نسبة التعاطف معه باعتباره مستهدفًا بالقتل والتصفية لمنع وصوله إلى البيت الأبيض، إلا أنها غير كافية لتنصيبه رئيسًا.

تجارب سابقة

من جهة أخرى، يستعين المحللون بتجارب سابقة للقول بأن هذه الموجة من التعاطف والالتفاف حول ترامب لن تختلف كثيرًا عن التجارب التاريخية لرؤساء سابقين مروا بتجارب مماثلة أظهرت أن الرؤساء السابقين، الذين نجوا من محاولات الاغتيال (جيرالد فورد 1975، و رونالد ريجان 1981) شهدوا زيادة مؤقتة في موافقة الناخبين، لكن هذه المواقف لم تدم طويلًا.

لا شك أن ترامب ما زال يمتلك الفرصة للتنافس، وربما الفوز في الانتخابات القادمة، ولكن عملية الاغتيال مهما تم استثمارها لن تمنحه بطاقة دخول إلى البيت الأبيض بمفردها، ذلك أن العديد من الملفات التي تشغل بال الأمريكيين ستحسم من هو صاحب البطاقة، وعلى رأسها الاقتصاد ثم الهجرة، ويبدو أن ترامب قادر على التفوق فيهما حتى الآن على من يصفها بـ"الرفيقة كامالا"، كنايةً عن ميولها "اليسارية". لكنه بالمقابل أقل شعبية في ملفات أخرى يهتم بها الناخب الأمريكي.

في العموم، ستُظهر استطلاعات الرأي في الأيام المقبلة ما إذا كانت المحاولة الأخيرة لاغتيال ترامب ستعزز من حظوظه، لكن حتى هذه الاستطلاعات لا تحمل الحقيقة النهائية.. الحقيقة الوحيدة الثابتة ستفرزها صناديق الاقتراع في الخامس من نوفمبر / تشرين الثاني القادم.



كلمات مفتاحية :



آخر الأخبار