ترمب يراهن على التقرب من روسيا لإضعاف الشراكة بين بكين وموسكو

أمس, 20:48

+A -A

الغد برس/ متابعة

إن كان التقارب المفاجئ الذي باشره دونالد ترمب مع روسيا سيؤدي حتما إلى إعادة رسم العلاقة بين موسكو وبكين، فمن غير المرجح برأي خبراء أن يؤثر على شراكتهما المتينة.

ابتعد الرئيس الأميركي عن 3 سنوات من الجبهة الغربية الموحدة التي تشكلت بوجه الغزو الروسي لأوكرانيا، مستبعداً في الوقت الحاضر كييف والأوروبيين من مفاوضات سلام قد تصب في صالح الكرملين.

وسيكون لهذا النهج انعكاسات على الصين، الشريكة الأساسية التي توجهت إليها روسيا عندما فرض عليها الغرب عقوبات اقتصادية شديدة وعزلة دبلوماسية.

ورأت يون سون من مركز «ستيمسون» الأميركي للدراسات أن «اعتماد روسيا على الصين سيتراجع تلقائياً» بعد إيجاد تسوية للنزاع.

وأوضحت أن «روسيا معروفة تقليدياً بمهارتها في المناورة الدبلوماسية والتلاعب الاستراتيجي»، وإن كانت قد حُرمت من هذه القدرة خلال الحرب في أوكرانيا، فإن «هذا المجال سيتاح من جديد عندما تتحسن العلاقات الروسية الأميركية».

تدعو الصين إلى احترام وحدة وسلامة أراضي جميع الدول، بما يشمل أوكرانيا، وتؤكد أنها طرف محايد في النزاع من دون أن تندد علناً بالغزو الروسي، بل عززت علاقاتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية مع موسكو.

وأثار هذا الموقف انتقادات من الإدارة الأميركية السابقة برئاسة جو بايدن ومن الأوروبيين الذين دعوا باستمرار الدبلوماسية الصينية إلى الضغط على روسيا لوقف الحرب.

ومع فتح ترمب باب التفاوض مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لم تعد بكين تبدو في موقع الوسيط، أقله على المدى القريب.

وحمل هذا التغيير في النهج الأميركي بعض المحللين السياسيين على إقامة مقارنة بين سياسة الإدارة الحالية وسياسة الرئيس السابق ريتشارد نيكسون الذي قام في 1972 بزيارة مفاجئة إلى الصين شكلت مدخلاً للاعتراف الدبلوماسي وسمحت للولايات المتحدة بمباغتة الاتحاد السوفياتي وعزله في وقت كان على خلاف مع الصين.

وهذا ما يوحي بأن التقارب الحالي بين ترمب وبوتين قد يجذب موسكو إلى واشنطن ويقوض العلاقة الصينية الروسية.

لكن إليزابيث فيشنيك من معهد ويذرهيد إيست إيجيان في جامعة كولومبيا لفتت إلى أن هذه المقارنة تنم عن «قراءة خاطئة للتاريخ» لأن الصين في عهد نيكسون كانت «ضعيفة ومعزولة» وتخشى اندلاع حرب مع الاتحاد السوفياتي.

أمّا اليوم، فالصين قوة عظمى وتقيم علاقات وثيقة مع موسكو، خلافاً لما كانت عليه الحال في الماضي.

ورأى ألكسندر غابويف مدير مركز كارنيغي لروسيا وأوراسيا، ومقره في برلين، متحدثاً لوكالة الصحافة الفرنسية، أن روسيا «ستحاول حتماً أن توهم ترمب بأنها تريد أن تنأى بنفسها عن الصين».

لكنه شدد على أن موسكو تعتبر بكين دعامة لاستقرارها بمواجهة ترمب الذي يبقى خاضعاً لاعتبارات تتعلق بالانتخابات.

وتساءل: «لماذا يجازفون ويختلفون مع بكين، في حين أنهم يعولون عليها بصورة متزايدة وأن اقتصاديهما متداخلان ويتقاسمان هدفاً استراتيجياً هو إضعاف هيمنة الولايات المتحدة؟».

كذلك رأت يون سون أن واشنطن لن تتمكن من «تقويض التحالف بين روسيا والصين المبني على مصالح عميقة وثابتة» لكنها قد تنجح في «بلبلة طبيعة هذا التعاون ومداه».

وفي مؤشر إلى متانة العلاقات الصينية الروسية، جرت مكالمة هاتفية، الاثنين، بين الرئيسين شي جينبينغ وفلاديمير بوتين.

وأثنى شي بهذه المناسبة على «الجهود الإيجابية» التي تبذلها موسكو ودول أخرى لإيجاد تسوية في أوكرانيا فيما «أطلعه» بوتين على مضمون المحادثات التي جرت مؤخراً بين روسيا والولايات المتحدة.

ووصل الأمين العام لمجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو، الجمعة، إلى بكين حيث التقى شي جينبينغ ووزير الخارجية وانغ يي.

وهذه ثاني زيارة يقوم بها شويغو إلى بكين خلال 3 أشهر، في مؤشر إلى تكثيف الحوار بين البلدين وفق وسائل الإعلام الروسية.

واعتبرت إليزابيث فيشنيك أنه بنظر الصين «السيناريو الأمثل سيكون احتفاظ روسيا بما كسبته من أراضفي أوكرانيا وعودتها إلى صفوف الأسرة الدولية».

وتابعت أن هذا «سيحض كذلك القادة الصينيين على ضم الأراضي التي يطالبون بها هم أنفسهم بعيداً عن أي عقاب»، في إشارة إلى تايوان.

وقال تشاو لونغ من معاهد شنغهاي للدراسات الدولية أن بوسع الصين لعب دور في تسوية النزاع من خلال تشجيع الحوار بين الطرفين أو «تقديم منصة» للتفاوض.

كما لفت إلى أن الصين بإمكانها المساعدة في تنظيم عمليات حفظ السلام في أوكرانيا بعد الحرب والمساعدة في إعادة إعمار البلاد «من خلال الاستفادة من المزايا التنافسية للشركات الصينية».




كلمات مفتاحية :



آخر الأخبار