القضاء المصري يصدم الازهر بإقرار الزواج العرفي

اليوم, 12:47

+A -A


الغد برس/ بغداد 

فتح حكم قضائي مصري بإثبات علاقة زواج عرفي تنصل منها الزوج، الباب لنقاش حول اعتراف محاكم الأسرة بالزواج السري وما يترتب عليه من إنجاب، بالمخالفة لقناعات الأزهر ورؤية دار الإفتاء من أن الزواج العرفي محرم شرعا، وباطل وإن نتج عنه أبناء، لكن جاء الإنصاف القضائي للمرأة المتزوجة سرا لينهي معاناة الكثير من السيدات.

لجأت امرأة مصرية إلى محكمة الأسرة في القاهرة لتطالب بإثبات زواجها من رجل يصر على إنكار نسب الابن لأن العلاقة سرية وليست موثقة، وقدمت السيدة صورة من عقد الزواج العرفي الذي أقر بها الرجل، فأصدرت المحكمة حكما بصحة الزواج والتوجيه بتوثيقه وإثبات نسب الطفل لأبيه، بلا اعتبار للزواج إن كان عرفيا أم رسميا.

وأثار الحكم القضائي نقاشا بين مؤيدين ورافضين للصيغة التي صدر بها، ورأى فريق أن محكمة الأسرة ردت الاعتبار لآلاف الأطفال ممن يعيشون حياة بائسة دون ذنب لأنهم أبناء زواج عرفي، بينما رأى فريق آخر أن الحكم قد يزيد الزواج العرفي انتشارا بين الفتيات والشبان ممن لا يستطيعون تحمل تكاليف الزواج الرسمي.

وقالت المحكمة إن عقد الزواج شرعا هو عقد رضائي يقوم على الإيجاب والقبول، واشتراط القانون توثيق هذا العقد لا ينفي عنه الصحة، ولا يوجد تعارض بين الشروط الموضوعية لصحة الزواج والشروط الشكلية أو الإجرائية لتوثيق العقد، ما يعني أن ما تقرره الحكومة والمؤسسات الرسمية حول شروط الزواج لا علاقة له بإثبات علاقة زوجية قائمة.

ويتناقض الحكم بشكل كبير مع توجهات الأزهر الذي أثار جدلا واسعا حول آلية تصدي المجتمع للزواج العرفي، بعدما استقر رأيه النهائي قبل ثلاث سنوات على اعتبار هذا الزواج في حكم الزنا، وأن هذا الوصف يقي الأسر والمجتمع بشكل عام من سوءات تلك الخطيئة، ويجبر كل طرف على التفكير قبل الزواج بشكل سري.

وجاء حكم القضاء الأسري الأخير متسقا مع ما سبق أن أقرته محكمة القضاء الإداري المصرية من أحقية الزوجة العرفية في إدراج طفلها في سجلات الدولة بقطع النظر عن طبيعة الزيجة، ولا بد أن ينتسب الطفل لأبيه للحصول على رقم قومي وإثبات تحقيق الشخصية، مع إلزام وزارة التعليم بقبول الطفل بإحدى المدارس.

وتفتقد نسبة كبيرة من المصريات المتزوجات بطريقة عرفية وجود مظلة قانونية تسهّل عليهن إثبات العلاقة أو حتى التحرر من الزواج السري دون خسائر شخصية أو عائلية واجتماعية، لأن الكثير من التشريعات الأسرية ليست مرنة مع الزوجة العرفية ولا تتعاطى مع أذاها النفسي هي وأطفالها، بدعوى أن الزواج ليس موثقا في سجلات الحكومة.

وكانت أحدث صدمة دينية للنساء المتزوجات عرفيا عندما قال مفتي مصر نظير عياد قبل أيام إن الزيجات السرية باطلة ومحرمة شرعا، وما يترتب عليها أيضا، ما عمق مخاوف الزوجات من مصير أبنائهن لأن تلك الفتوى تعني ضمنيا بطلان العقود العرفية ولا يحق للأبناء أن ينتسبوا لآبائهم، وهي قاعدة نسفها القضاء الأسري.

ومن شأن الحكم الأخير أن يوقف بعضا من سوء المعاملة التي تتعرض لها الكثير من المتزوجات عرفيّا في مصر على أيدي أزواجهن، باعتبار أن العلاقة ليست موثقة وكان يمكن أن يُنكر أي رجل الزواج وما نتج عنه من أبناء، لكن ميزة الحكم أن القضاء أقرّ سابقة بإنصاف المرأة وأولادها ولو كانت تمتلك الحد الأدنى من الأدلة التي تُثبت العلاقة الزوجية.




كلمات مفتاحية :



آخر الأخبار