مصر تنشر منظومة دفاع جوي في سيناء

اليوم, 14:27

+A -A

الغد برس/ بغداد 

نشرت مصر منظومات دفاع جوي بعيدة المدى من طراز “HQ-9B” الصينية في مواقع إستراتيجية داخل شبه جزيرة سيناء، في خطوة لافتة تتزامن مع تصاعد التوترات العسكرية في الشرق الأوسط، لاسيما بعد الهجوم الصهيوني الذي طال أهدافا داخل قطر.

وهذا التحرك، الذي لم يعلن عنه رسميا بشكل مفصل، تم تداوله في تقارير إعلامية وتحليلات عسكرية، ويعد مؤشرا على تغيّر محسوب في نمط الانتشار الدفاعي المصري، يعكس قراءة متقدمة لما تشهده المنطقة من تحولات متسارعة في قواعد الاشتباك.

وتعتبر المنظومة الصينية HQ-9B من أكثر منظومات الدفاع الجوي تطورا ضمن فئتها، بقدرة على اعتراض طائرات وصواريخ على مدى يصل إلى 300 كيلومتر، ما يمنح القوات المصرية قدرة على تغطية واسعة للمجال الجوي في مناطق إستراتيجية تشمل جنوب الكيان وقطاع غزة، إضافة إلى أجزاء من البحر الأحمر.

ومن خلال هذا الانتشار، تؤكد مصر أنها قادرة على اتخاذ خطوات ميدانية مدروسة دون إثارة ضجيج سياسي، وفي الوقت نفسه إرسال إشارات واضحة لمن يعنيه الأمر بأن سيناء ليست منطقة فراغ أمني.

ولا يبدو التحرك المصري موجها ضد طرف محدد، ولا يحمل طابع الاستفزاز أو التصعيد، لكنه يعكس فهما عميقا لتبدّل نمط التهديدات في المنطقة، خاصة في ظل ما يُنظر إليه على أنه انزلاق إسرائيلي نحو سياسة الضرب في كل مكان حيث لم تعد العمليات العسكرية مقتصرة على حدود الصراع التقليدي في غزة أو الجنوب اللبناني، بل بدأت تطال دولا كانت حتى وقت قريب خارج دائرة الاستهداف، مثل قطر.

ويبدو واضحا أن نشر هذه المنظومة كخطوة استباقية تهدف إلى تعزيز الردع، وتأكيد قدرة مصر على التحرك حين تتطلب الحاجة، من دون الوقوع في فخ الانجرار إلى مواجهات لا ترغب بها.

وتستشعر مصر احتمال أن تمتد الضربات الإسرائيلية إلى خارج المسارح التقليدية، خاصة بعد استهداف قيادات في الخارج، وبدأت تأخذ في الحسبان سيناريوهات غير مسبوقة، من بينها أن تقوم إسرائيل باستهداف قيادات من حماس خلال وجودهم في القاهرة، حيث يترددون بشكل دوري في إطار الوساطة والتنسيق الأمني.

ويقول مراقبون إن الرسالة الأهم التي يمكن استخلاصها من هذا التطور هي أن مصر تعيد ضبط تموضعها الأمني والعسكري بهدوء، لكنها تفعل ذلك بثقة وحساب دقيق، بحيث تُبقي على مسافة من الصدام، لكنها تضع خطوطا حمراء غير معلنة لمن قد يعتقد أن بإمكانه التحرك في الإقليم دون أن يضع حسابا لموقع القاهرة ومصالحها.

ومن اللافت أن مصر، باختيارها لمنظومة صينية في هذا التوقيت، ترسل أيضا رسالة غير مباشرة بشأن تنويع خياراتها الدفاعية بعيدا عن الاحتكار الغربي، بما يعزز استقلالية قرارها الإستراتيجي في ملفات حساسة كأمن سيناء ومجالها الجوي.

ولا يعني نشر منظومة HQ-9B في سيناء بالضرورة أن مصر بصدد مواجهة أو تصعيد، لكنه يعكس بوضوح رفعا للسقف المصري في التعامل مع تطورات الإقليم، من خلال تموضع مدروس، لا يصدر بيانات حادة، لكنه يفرض معادلات ميدانية جديدة بهدوء، وبما يتناسب مع حجم التحديات وضرورة الاستعداد لها قبل أن تقع.

ويقول مراقبون إن القرار المصري باختيار منظومة HQ-9B الصينية ليس تقنيا فقط، بل خيار إستراتيجي محسوب يجمع بين الكفاءة العسكرية، المرونة السياسية، وسرعة التفعيل.

وبحسب هؤلاء المراقبين فهو جزء من تحوّل تدريجي في عقيدة التسليح المصرية، التي تسعى للاستقلال في القرار، والجاهزية في التوقيت، والفعالية في الميدان.

وشهد التعاون العسكري بين مصر والصين توسعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، انعكس في إجراء مناورات مشتركة وتوقيع اتفاقيات لتعزيز القدرات الدفاعية. وعمدت القاهرة إلى تنويع مصادر تسليحها، معتمدة على التكنولوجيا الصينية في مجالات مثل الدفاع الجوي والطائرات المسيرة، لتقليل الاعتماد على الأنظمة الغربية وتعزيز استقلالية القرار العسكري.

وجاءت زيارة وفد صيني رفيع المستوى إلى القاهرة قبل أشهر لتُترجم هذا التقارب إلى خطوات عملية، حيث تم توقيع اتفاقيات مبدئية تشمل التصنيع المشترك ونقل التكنولوجيا في المجالات العسكرية المتقدمة. كما جرى بحث صفقات محتملة لتوريد أنظمة صاروخية ومعدات دفاعية، في سياق سعي مصر لتطوير منظومتها الدفاعية بما يواكب تحديات الإقليم المتسارعة.




كلمات مفتاحية :



آخر الأخبار