الدفع الإلكتروني في العراق.. تجربة غيّرت قواعد اللعبة

اليوم, 13:48

+A -A

الغد برس/ بغداد

يشهد العراق في السنوات الأخيرة طفرة نوعية في أنظمة الدفع الإلكتروني، حيث أعلن البنك المركزي العراقي أن عدد بطاقات الموظفين الموطنة رواتبهم وصل إلى نحو 5.6 ملايين بطاقة، وهو مؤشر مهم يعكس التحول التدريجي من التعاملات النقدية إلى الدفع الرقمي. هذه الأرقام لا تمثل مجرد تطور في الأدوات المالية، بل تعكس تحولات في البنية الاقتصادية والسلوك الاستهلاكي للمجتمع العراقي.

 

الريادة تبدأ من "كي كارد"

عند الحديث عن الدفع الإلكتروني في العراق لا يمكن تجاوز اسم كي كارد، الشركة التي تُعد حجر الأساس في بناء هذا القطاع داخل البلاد. فمنذ تأسيسها، وضعت نصب عينيها هدفاً استراتيجياً يتمثل في خدمة الموظفين والمتقاعدين عبر توطين الرواتب، وهو الهدف الذي تحوّل لاحقاً إلى مشروع وطني واسع غيّر طبيعة التعاملات المالية.

كي كارد لم تكتفِ بطرح بطاقات إلكترونية، بل أنشأت شبكة انتشار تُعد الأكبر والأوسع في العراق، لتصل خدماتها حتى القرى والأرياف، وهو ما جعلها لاعباً أساسياً في الشمول المالي.

 

أنظمة متطورة وبنية تحتية قوية

تميزت كي كارد بامتلاكها أنظمة متطورة في تحديث البيانات البايومترية، فضلاً عن خدمات السلف الإلكترونية، وأنظمة التعرف على الوجه، إضافة إلى تقنيات التقسيط وبيانات المستخدم المحدثة بشكل مستمر. الأهم أن الشركة وظفت أنظمة الذكاء الاصطناعي في إدارة بياناتها وخدماتها، ما جعلها قادرة على تقديم تجربة مستخدم عالية الكفاءة.

هذه المنظومة التقنية لم تكن لتتحقق لولا الرؤية الاستثمارية الفريدة لقيادة الشركة، والتي استطاعت رغم الضغوط والتحديات أن تحقق طفرة متسارعة في قطاع الدفع الإلكتروني.

 

تجربة المستخدم.. سر النجاح

من أبرز ما ميز مسيرة كي كارد هو تركيزها على تجربة المستخدم، حيث صممت حلولها لتكون سهلة، سريعة، وموثوقة. الموظف والمتقاعد – وهما الشريحتان اللتان انطلقت منهما الشركة – لم يعودا بحاجة إلى الوقوف في طوابير طويلة أو مواجهة مشاكل الكاش، بل أصبح بإمكانهما استلام الرواتب والسلف إلكترونياً وبشكل فوري.

هذا النجاح الكبير جعل من كي كارد قصة نجاح وطنية، تُدرس كنموذج لتجربة مالية متكاملة في بيئة كانت تعتمد بشكل شبه كامل على النقد.

 

التوسع نحو القطاع الخاص

اليوم، تتوجه كي كارد نحو القطاع الخاص بالتوازي مع دعمها لخطط الحكومة في تعميم أجهزة نقاط البيع (POS) على مستوى العراق، ما يتيح للمواطنين والشركات استخدام بطاقاتها في عمليات الدفع اليومية بسهولة ويسر.

ولم يتوقف طموحها عند هذا الحد، بل عملت الشركة على توفير بطاقات دفع إلكترونية تعمل خارج العراق دون استثناء، لتكون خياراً مضموناً للمستخدم، بخلاف بعض البطاقات الأخرى التي تواجه حالات رفض أو حظر في بعض الدول.

 

أرقام قياسية وإنجازات حصرية

كي كارد باتت تمتلك اليوم أكثر من 12 مليون بطاقة إلكترونية، وهو رقم يجعلها الشركة الأكبر بلا منازع في قطاع الدفع الإلكتروني بالعراق. وهي كذلك الشركة الوحيدة التي تقوم بطباعة بطاقاتها داخل البلاد، ما يعزز عنصر الأمان ويمنحها ميزة سيادية مهمة.

إلى جانب ذلك، توسعت الشركة في تقديم أنظمة التقسيط في الجامعات والمعاهد، فضلاً عن المستشفيات ومحال البيع بالتجزئة، لتقدم حلولاً مالية متكاملة لا يجد المستخدم لها منافساً في السوق المحلي.

 

"سوبر كي".. الثورة الرقمية

ضمن استراتيجيتها الرقمية، أطلقت كي كارد تطبيق "سوبر كي"، وهو بمثابة محفظة إلكترونية متكاملة تربط جميع بطاقات الدفع في تطبيق واحد. التطبيق لا يقتصر على عمليات الدفع فقط، بل يتيح الوصول إلى خدمات تطبيقات مصغرة مثل: جنى، أقساط مول، مسواكي، بيور بلاتفورم، ديجيتال زون، تكت زون، بالإضافة إلى ربط الخدمات الحكومية مثل تسديد فواتير الماء والكهرباء والاشتراك بالكوبون النفطي.

هذا الدمج بين القطاعين الخاص والحكومي جعل من "سوبر كي" تجربة متكاملة في يد المستخدم، تجمع بين الراحة، الأمان، وسرعة الإنجاز.

 

نحو اقتصاد بلا نقد

إن قصة كي كارد تعكس بوضوح كيف يمكن للاستثمار في التكنولوجيا أن يحدث فرقاً ملموساً في حياة الناس، وكيف يمكن لشركة محلية أن تكون رائدة في بناء اقتصاد رقمي متكامل. العراق اليوم يسير بخطوات ثابتة نحو مجتمع بلا نقد، وكي كارد تقف في قلب هذا التحول، لتؤكد أن الرؤية الواضحة والتكنولوجيا المتقدمة يمكن أن تحققا نجاحاً يوازي – وربما يفوق – ما نشهده في الأسواق العالمية.



كلمات مفتاحية :



آخر الأخبار