دراسة: ركوب الدراجات يعالج إدمان الإنترنت

اليوم, 21:45

+A -A
الغد برس/ متابعة
كشفت دراسة حديثة نُشرت في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، في مجلة علم النفس «Frontiers in Psychology»، عن الدور الكبير الذي تلعبه ممارسة الرياضة، وبشكل خاص ركوب الدراجات الهوائية، في تحسين التحكم العصبي المثبّط ومقاومة عوامل التشتت، والسيطرة على السلوك الإدماني لاستخدام الإنترنت لطلبة الجامعة.

إدمان الإنترنت

من المعروف أن إدمان الإنترنت يمكن أن يُقلل بشكل كبير من التحكم العصبي المثبط inhibitory control في المراهقين. ويساعد التحكم المثبط المراهق في السيطرة على مشاعر الاندفاع، والغضب، والمخاوف المختلفة. وفي غياب هذا التثبيط الضروري تظهر أعراض نفسية، مثل القلق والاكتئاب، ما يؤدي إلى تراجع الأداء الأكاديمي والتواصل الاجتماعي مع الآخرين.

يُعد التثبيط العصبي وظيفة إدراكية أساسية، تتألف من عنصرين رئيسيين، الأول هو تثبيط الاستجابة الحادة، ورد الفعل المتهور لحدث معين. أما العنصر الثاني فهو تثبيط التشتت؛ بمعنى التركيز على هدف معين وعدم الانشغال بأشياء فرعية، ونتيجة لعدم التحكم في كلا العنصرين تحدث زيادة في قابلية المراهق للإصابة بالإدمان.

تتراوح أعمار معظم طلاب الجامعة بين 16 و21 عاماً، ما يعني أن المخ لا يزال في طور النمو، وفي هذا العمر يتم اكتساب المهارات الاجتماعية بشكل كبير. وفي حالة إصابة المراهق بإدمان الإنترنت، لأن طلبة الجامعة هم أكثر الفئات استخداماً له، فإنه لا يستطيع التحكم في ردود فعله بشكل جيد، وأيضاً لا يستطيع التركيز لفترات طويلة من دون تشتت، ما يؤثر بالسلب على دراسته وعلاقاته الاجتماعية بشكل واضح، وهو الأمر الذي أصبح ظاهرة عالمية حالياً.

وقيّم الباحثون في كلية الدراسات العليا بجامعة شاندونغ الرياضية Graduate School of Shandong Sport University China في الصين، تأثير ممارسة الرياضات المختلفة على طلاب الجامعات الذين يعانون من إدمان الإنترنت، حيث شملت الدراسة 120 طالباً جامعياً، تم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات بناءً على مستويات إدمانهم على الإنترنت: إدمان متوسط إلى منخفض، وإدمان متوسط إلى مرتفع، وإدمان شديد على الإنترنت.

تم توزيع المشاركين بالتساوي عشوائياً إلى أربع فئات، الأولى: ممارسو التدرب على رياضة ركوب الدراجات، والثانية ممارسو لعب كرة السلة، والثالثة ممارسو السباحة، والفئة الرابعة من غير الممارسين للرياضة (وهي مجموعة ضابطة)، لمدة 8 أسابيع. وكانت مدة كل جلسة 45 دقيقة، تُجرى مرتين أسبوعياً. وتم توحيد شدة التمرينات في جميع الألعاب، حيث رُصدت شدة التمرين باستخدام جهاز لمراقبة معدل ضربات القلب.

تضمن تدريب مجموعة كرة السلة: المراوغة، والتسديد، والتكتيك الجماعي، بينما تضمن تدريب مجموعة السباحة تعزيز القدرة على التحمل والسرعة، وركزت مجموعة ركوب الدراجات على التحكم في التوازن، والتعامل مع المسارات المنحنية، وتحريك الساقين بقوة وسرعة كبيرة. والجدير بالذكر أن كل هذه التمرينات أُجريت تحت إشراف مدربين محترفين.

التحكم بتثبيط المشاعر

طُلب من المشاركين القيام بمهمة معرفية على الكومبيوتر، تسمى «انطلق - لا تنطلق»، وفيها يظهر حرف معين (M) على شاشة الكومبيوتر، يمثل كلمة انطلق، والمطلوب من المشارك الضغط على مفتاح آخر (J) بإصبع السبابة بأقصى سرعة ودقة ممكنة، وعند ظهور حرف آخر على الشاشة (W) يمثل كلمة لا تنطلق، لا يقوم المشارك بعمل أي استجابة، وتم إجراء مسح بالأشعة تحت الحمراء للمراقبة اللحظية لنشاط القشرة المخية، ودراسة الوظائف العصبية لخلايا المخ أثناء أداء المهمة.

كان الهدف الرئيسي من هذه المهمة المعرفية، معرفة القدرة على التركيز وعدم التشتت والتحكم في التثبيط؛ لأن المفتاح الذي يمثل كلمة انطلق في لوحة المفاتيح مختلف عن الذي يظهر على الشاشة، ما يُعد مقياساً جيداً (التركيز)، وعدم الضغط على أي مفتاح في حالة ظهور الحرف الآخر الذي يمثل كلمة لا تنطلق يُعد مقياساً جيداً للقدرة على «التثبيط».

ووجدت الدراسة أن ممارسة الرياضة بشكل عام، ساهمت بوضوح في تحسين التحكم المثبط لدى طلاب الجامعات الذين يعانون من إدمان الإنترنت، كما أدت إلى تحسن ملحوظ في تنشيط القشرة المخية، في كل المجموعات التي مارست الرياضة مقارنة بالمجموعة الحاكمة، ورصدت الأشعة زيادة نشاط القشرة المخية.

ترتبط زيادة نشاط القشرة المخية ارتباطاً مباشراً بالحفاظ على توازن الجسم، وتحسين دقة الحركة، كما تساهم زيادة النشاط في زيادة التركيز ومنع التشتت حتى يمكن الوصول إلى أفضل النتائج. كما لاحظ الباحثون أن التدريب على ركوب الدراجة الهوائية على وجه التحديد كان أكثر أساليب التمرين فاعلية، مقارنة بالسباحة ولعب كرة السلة.

أوضح الباحثون أن السبب في تفوق قدرة رياضة ركوب الدراجات على التثبيط مقارنة بالرياضات الأخرى، ربما يكون بسبب طبيعتها الخاصة، حيث تتطلب الحفاظ على التوازن أثناء الحركة، ما يتطلب تحكماً دقيقاً في وضعية الجسم والتناسق بين عضلات الجذع والأطراف السفلية، لتحقيق التوازن، حيث يحتاج اللاعب إلى ضبط مركز ثقله باستمرار، ما يُعزز الدقة والتوافق العصبي العضلي والبصري في المخ.

وفي الأغلب تتطلب رياضة ركوب الدراجات التنقل عبر تضاريس مختلفة ما يتطلب تعديلاً للتوازن باستمرار، حيث يُساعد المخ في كبح الأفعال التي لا تمت بصلة بالمهمة الأساسية للحفاظ على التوازن، وهذه العملية تساعد في التخلص من إدمان الإنترنت، حيث تُظهر الأبحاث الحديثة أن الرياضات التي تعتمد على المهارات المفتوحة تتفوق على الرياضات التي تتم في الصالات المغلقة، في قدرتها على تعزيز التحكم المثبط.

في النهاية، أشارت الدراسة لوجود فوائد كبيرة على المستويين العضوي والنفسي في معالجة إدمان الإنترنت جراء ممارسة الرياضة وخصوصاً ركوب الدراجات.




كلمات مفتاحية :



آخر الأخبار