معهد واشنطن يحذر من تقسيم كردستان: خلافات بارزاني و طالباني تنذر بـ "المخاطر"

16-01-2023, 21:10

+A -A
الغد برس/ترجمة  

سلط معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، على شدة الصراعات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، لافتاً إلى أن إقليم العراق سيفقد استقراره الاقتصادي والسياسي بسبب السلطات الحاكمة في حكومة كردستان.

وكتب المعهد، تقريراً ترجمته "الغد برس"، أن "التوترات تزداد بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني عمقًا وخطورة، وفي الآونة الأخيرة، دفعت هذه التوترات أعضاء حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في حكومة إقليم كردستان، بمن فيهم نائب رئيس الوزراء الحالي في حكومة إقليم كردستان، قوباد طالباني، إلى مقاطعة الاجتماعات الأسبوعية لحكومة إقليم كردستان، إذ رفض الوزراء والموظفون العودة إلى مكاتبهم".

وتطرق معهد واشنطن إلى "كلمة رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، بافل طالباني حينما قال تعاقب حكومة إقليم كردستان منطقة السليمانية وإدارتها، ولا تسدد رواتب المواطنين، ولن تسمح حتى لنائب رئيس الوزراء بالقيام بما تقتضيه وظيفته" مستدركاً أن "حكومة إقليم كردستان لن تسمح لقباد باستبدال الوزراء أو الموظفين المتورطين في الفساد."

وأوضح التقرير أن "حدة التوترات اشتدت أيضًا إثر اغتيال هوكر جاف في تشرين الأول الماضي، وهو ضابط في مجلس أمن كردستان وحوّل في هذا العام ولاءه من الاتحاد الوطني الكردستاني إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، فيما نفى الاتحاد الوطني الكردستاني بشدة تورطه في الاغتيال وطلب إجراء تحقيق شامل في الحادثة، لكنه حث حكومة إقليم كردستان أيضًا على عدم نشر أسماء الجناة المتورطين، ونشرت الإدارة بقيادة بارزاني ومجلس أمن كردستان أسماء الجناة واعترافاتهم على أي حال، ما زاد من حدة الخلاف".

وأوضح التقرير أن "مستقبل الاتحاد الوطني الكردستاني غير مؤكد بما أن الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني يسلكان اتجاهيْن مختلفيْن، ومتناقضيْن بشكل متزايد، ولا أحد يعرف الوجهة النهائية لهذه المنطقة الصغيرة، تشمل الاحتمالات تعزيز حكومة واحدة، أو تشكيل حكومتين، أو مقاطعة الحكومة، أو العودة إليها مجددًا، أو تخفيف التوترات أو تصعيدها.

وبين أن "تلك المشاكل أثارت مخاوف هائلة بين سكان إقليم كردستان، فهم يدركون أن نشوب أي نزاع بين الحزبين الرئيسيين، قد يعيد الحنين للماضي الذي شهد حرب أهلية، وبروز أزمات مالية وتشرذم البلاد، وبالطبع، تمثل تلك النزاعات مصدر قلق كبير بالنسبة للمواطنين لما تحمله من تداعيات على حياتهم اليومية وأعمالهم".

وأشار إلى أن "شكاوى الاتحاد الوطني الكردستاني لا تزال من أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يعاقب السليمانية ماليًا، وهي المحافظة التي يقع فيها مقر الاتحاد الوطني الكردستاني، مستمرة منذ أكثر من عام، ويتمحور الجدل حول تخفيضات حادة في الميزانية من قبل حكومة إقليم كردستان، جعلت المناطق الخاضعة لسيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني، مثل السليمانية، غير قادرة حتى على دفع رواتب موظفي الحكومة وقوات الأمن".

وتابع أن "هذه المشاكل المالية تعزى أيضًا إلى مشاكل هيكلية، حيث يعتمد إقليم كردستان العراق بشكل أساسي على عدد من الموارد المدرة للدخل، أهمها النفط الذي يتوزع بين المناطق الخاضعة لسيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني. وعلى الرغم من أن معظم هذا النفط يقع في مناطق تخضع لسيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني، تُعد جودته منخفضة جدًا، ويجب مزجه بالنفط من المناطق الخاضعة للاتحاد الوطني الكردستاني حتى يكون قابلًا للتسويق".

وتابع أن "في منطقة الاتحاد الوطني الكردستاني، يبدو إنتاج الغاز الطبيعي واعدًا. بلغ معدل إنتاج حقليْ نفط خور مور وجمجمال في نهاية العام 2021 مثلًا 452 مليون متر مكعب يوميًا، وفقًا لمشروع جديد بين شركة دانة غاز والمؤسسة الأمريكية للتنمية المالية المعروفة باسم KM250 تشير التقديرات إلى أن غالبية الغاز الطبيعي في إقليم كردستان العراق قد يكون تحت سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني، وهذا ما يدفع شركات مثل دانة غاز باتجاه توسيع العمليات، وفي ما يتعلق بحقل خور مور، تتوقع دانة غاز أن يصل الإنتاج إلى 700 مليون متر مكعب سنويًا بحلول نيسان 2023، وبعد ذلك، يهدف مشروع KM500 قيد التنفيذ إلى إنتاج مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا".

ولفت المعهد إلى أن "الخلافات لا تزال بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان معلقة دون حل، وقد شكل قرار المحكمة الفيدرالية العراقية الذي وصف عملية التنقيب عن النفط بأكملها في إقليم كردستان العراق بأنها غير قانونية، عقبة كبيرة بين حكومة إقليم كردستان في قطاع النفط، حينها وعدت حكومة محمد شياع السوداني بحل الازمة مع إقليم كردستان العراق نظرا لان بقائها دون حل سيكون له تأثير كبير على قطاع النفط، حتى أن بعض الشركات قد تُقبل على تصفية أعمالها في إقليم كردستان العام المقبل".

وأستطرد التقرير، أن "ديناميكيات الموارد المتغيرة أصبحت هذه إحدى أبرز نقاط الخلاف بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، لا سيما لجهة الخطط المتعلقة بتصدير الغاز الطبيعي من إقليم كردستان العراق إلى الخارج، حيث يعترض الاتحاد الوطني الكردستاني بشدة على هذه الخطوة، وقد منع حدوثها، بينما يرى الحزب الديمقراطي الكردستاني أنها وسيلة تسمح لإقليم"

وأشار إلى "تقسيم ميزانية ودخل إقليم كردستان بين المنطقتين، 57% لمنطقة الحزب الديمقراطي الكردستاني (المنطقة الصفراء) و43% لمنطقة الاتحاد الوطني الكردستاني (المنطقة الخضراء)،  ولكن الطرفين تبنّيا منذ ذلك الحين وجهات نظر متباينة بشكل متزايد حول كيفية تخصيص دخل المنطق، من منظور بارزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، يجب على حكومة إقليم كردستان دفع رواتب المحافظات وتحديد ميزانياتها بناءً على دخل كل منهما، ومقابل هذه الرؤيا، يقترح طالباني والاتحاد الوطني الكردستاني أن تجمع حكومة إقليم كردستان كل المداخيل من إقليم كردستان العراق ومن ثم توزعه بشكل منصف على جميع المناطق بحسب الحاجة".

وتابع أن "قادة الاتحاد الوطني الكردستاني يزعمون أن دخل محافظة السليمانية، بين عائدات النفط والضرائب ودخل معبرين حدوديين دوليين، لا يزال غير كافٍ لتغطية الاحتياجات الأساسية لميزانية المحافظة ورواتبها، فقد تسبب نقص الأموال بأزمة أجور في مناطق السليمانية مثل حلبجة وغرميان ورابارين، ما أدى إلى تأخر توزيع الرواتب".

وبين أن "العلاقة المتوترة التي تجمع اليوم بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني في كردستان تنتج من النزاع الذي دام 60 عامًا والذي أضفى طابعًا مؤسسيًا على الانقسام بين هذين الحزبين، وتنتج هذه العلاقة تحديدًا من خلاف بين شخصين، هما ملا مصطفى بارزاني وإبراهيم أحمد، قسما الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى قسمين عام 1964، بسبب خلافاتهما، وتسبب هذا القرار منذ ذلك الحين بانقسام تاريخي وأيديولوجي وجغرافي، وحتى لغوي، على مدى عقود".

وتابع أنه "على الرغم من أن الطرفين وقعا اتفاقًا استراتيجيًا عام 2003، واضعَين بذلك حدًا اسميًا للخلاف، نشبت حرب باردة بينهما ولم يُحرَز سوى تقدم ضئيل للغاية في التوصل إلى حل مجدٍ. واليوم، يُعد مسرور بارزاني وقباد طالباني ورثة هذا الصراع، وتصبح الحدود بين المنطقة الخضراء والمنطقة الصفراء في كردستان أكثر ترسخًا وتقييدًا، حرفيًا ومجازيًا" مشيراً إلى أن "الصراع أصبح اليوم محتدمًا ومطولًا أكثر من أي وقت مضى والتهديد بانقسام إقليم كردستان خطرًا أكثر من أي وقت مضى"

وأختتم معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى تقريره: "يسود عدم اليقين تجاه ما يحمله مستقبل هذه المنطقة في طياته، ولكن الواقع الحالي الذي يزداد فيه تنافس الأحزاب من أجل مصالحها الخاصة بدلًا من العمل معًا لا يبشر بالخير لكردستان، لتجنب اتخاذ قرارات أكثر تشددًا بعد وعواقبها الخطيرة، لا بد من أن يعمد الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني إلى تخطي خلافاتهما لصالح المنطقة، وعوضًا عن التنافس عن طريق المنطقة الصفراء والمنطقة الخضراء، يجدر بالطرفين إعادة تأطير فكرهما حول مفهوم منطقة كردستان" الواحدة الموحدة".



كلمات مفتاحية :



آخر الأخبار