خارطة السكن في العراق بحسب تعداد 2024
أمس, 18:00
هل حدث أن استرجعت ذاكرتك حدثاً معيناً، مع التركيز على تفاصيل بعينها ونسيان أو إغفال تفاصيل أخرى؟ تلك هي الذاكرة الانتقائية التي تعايشنا معها جميعنا بدرجات متفاوتة، فالبعض قد يتذكر حدثاً بعينه بشكل انتقائي، لكن قد تكون تلك مشكلة مزمنة لدى آخرين تسمى بـ"فقدان الذاكرة الانتقائي" فما أسبابها، وهل هي أمر يتطلب العلاج؟
كيف تعمل الذاكرة؟
في البداية يجب أن نعلم أن الذاكرة لا تشبه جهاز التسجيل، إذ يعالج الدماغ المعلومات ويخزنها بطرق مختلفة.
درس العلماء العلاقة بين جزأين من الدماغ، اللوزة والحصين، لفهم آلية عمل الذاكرة، ولماذا نتذكر بعض الأمور دون الأخرى، وعلى الرغم من أننا لا نزال بحاجة إلى مزيد من الأبحاث في هذا المجال فإن العلماء تمكنوا من معرفة ما يلي:
الصدمات المتوسطة يمكن أن تعزز الذاكرة طويلة المدى. وبالتالي هذا يفسر سبب عدم نسياننا بعض الأحداث السيئة التي مرت بحياتنا.
في حين يمكن أن تؤدي الصدمات الشديدة إلى تعطيل التخزين على المدى الطويل وترك الذكريات مخزنة كعواطف أو أحاسيس بدلاً من ذكريات، وبالتالي قد ننسى تفاصيل بعض التجارب الصادمة، لكن مع ذلك لا يمحى الأثر الذي تتركه فينا بسهولة. وتشير الأبحاث إلى أن الأمر قد يستغرق عدة أيام لتخزين الحدث بالكامل في الذاكرة طويلة المدى.
كذلك، يمكن أن تسبب المحفزات الحسية ظهور أحداث منسية؛ وذلك لأن الأحداث مرتبطة بالمحفز من خلال عملية تعرف باسم "الذاكرة المعتمدة على الحالة والتعلم والسلوك"، بمعنى آخر قد تساعدنا محفزات معينة (صور أو روائح أو أحداث) على استرجاع ذكريات من الماضي البعيد كنا قد ظننا أننا نسيناها تماماً.
لكن هل الذكريات المسترجعة صحيحة بالضرورة؟ هناك كثير من الجدل حول هذا السؤال. إذ يعتقد بعض المعالجين الذين يعملون مع الناجين من الصدمات، أن الذكريات صحيحة، لأنها تكون عادةً مصحوبة بمشاعر قوية.
لكن في الوقت ذاته، أفاد معالجون آخرون بأن بعض مرضاهم استعادوا ذكريات لا يمكن أن تكون حقيقية.
ما هي الذاكرة الانتقائية؟
الذاكرة الانتقائية، التي تعرف أيضاً باسم فقدان الذاكرة الانتقائي، هي قدرة الدماغ على استرجاع حقائق وأحداث معينة في حين يستبعد أحداثاً وحقائق أخرى.
بشكل عام، نمر جميعنا بتجارب تكون ذاكرتنا فيها انتقائية، إذ يمكن لأي شخص أن يتذكر معلومات معينة حول حدث معين أو تجربة ما دون تذكر أجزاء أخرى معينة حول الحدث ذاته.
في بعض الأحيان، تتعمد أدمغتنا إلى حد ما، تذكر أشياء دون أخرى، إذ يقوم الدماغ بتحريض الذاكرة الانتقائية كآلية دفاعية. بينما في أوقات أخرى، يمكن أن تحدث الذاكرة الانتقائية بسبب الألم الجسدي أو تجربة مؤلمة.
على سبيل المثال، قد يختار الشخص الذي عانى ذات مرة من سوء المعاملة عدم تذكُّر ما حدث عمداً كآلية دفاعية تلقائية لتجنب الألم.
اضطراب الذاكرة الانتقائي
من الممكن ألا يكون فقدان الذاكرة الانتقائي مجرد حالة عابرة تقتصر على نسيان أجزاء من حدث معين، بل قد يتطور إلى ما يسمى اضطراب الذاكرة الانتقائي.
يعد اضطراب الذاكرة الانتقائي، وفقاً للأبحاث، نادر الحدوث. يصيب نحو 1% من الرجال و2.6% من النساء حول العالم.
بينما تلعب البيئة دورها في الإصابة بهذا الاضطراب، ربطت الأبحاث العديد من حالات الذاكرة الانتقائية بالسمات الشخصية. إذ تميل شخصيات معينة إلى أن تكون أكثر عرضة لفقدان الذاكرة الانتقائي بشكل عام. على سبيل المثال، قد يتلاعب الشخص الأناني بمن حوله من خلال نقل القصص والأحداث بطريقته عبر إغفال بعض الأحداث والتركيز على أحداث أخرى. في حين أن النرجسيين لديهم شعور مبالغ فيه بالأهمية؛ ومن ثم فإنهم يريدون فرض أفكارهم وآرائهم على الناس، لذلك قد يميلون إلى التلاعب بالأحداث لخدمة أجنداتهم الشخصية.
ويُنظر إلى ما يفعله هؤلاء على أنه فقدان ذاكرة انتقائي متعمد.
1. الإجهاد الشديد أو الصدمة
يميل الناس أحياناً إلى نسيان الأحداث التي سببت لهم ألماً شديداً وتوتراً بشكل انتقائي؛ حوادث مثل النوبات القلبية، الإساءة، الحرب، التمييز وغيرها.
في معظم الأوقات، لا يرغب الناس في تذكر الأحداث التي أدت إلى إجهادهم أو سببت لهم الألم، وبالتالي تعمل أدمغتهم بشكل تلقائي (وانتقائي) على حذف هذه الذكريات.
2. الوراثة
أظهرت الأبحاث أن فقدان الذاكرة الانتقائي يمكن أن يكون وراثياً في بعض الأحيان. لقد ثبت طبياً أن الأقارب المقربين لشخص يعاني أو عانى مرة واحدة من فقدان الذاكرة الانتقائي يميلون إلى تطوير اضطراب ذاكرة معين على الرغم من ندرة حدوثه.
3. العامل البيئي
كما أن البيئة تلعب دوراً في تطوير اضطراب الذاكرة الانتقائي. إن حوادث مثل الحرب والكوارث الطبيعية تترك أحياناً آثاراً للضحايا الذين يفضلون بطبيعة الحال نسيان تجاربهم أثناء هذه الأحداث.
4. اضطراب الشخصية أو الأمراض المماثلة
الشخص الذي يعاني من اختلال التوازن العاطفي أو اضطراب الشخصية، أكثر عرضة لتجربة فقدان الذاكرة الانتقائي، بسبب تعرضه للعديد من الاضطرابات العاطفية، كما هو الحال في مريض مصاب بالاضطراب ثنائي القطب.
5. الشيخوخة
إن دماغ الإنسان وجسمه عرضة للتغييرات. مع تقدم العمر، تدرك أنك قد تفقد قدرتك على تذكُّر بعض الأحداث، وقد تختار الاحتفاظ ببعض الذكريات دون الأخرى. وتُعزى العديد من حالات فقدان الذاكرة الانتقائي إلى التقدم في العمر.
أعراض الذاكرة الانتقائية
تشمل أعراض الذاكرة الانتقائية على سبيل المثال لا الحصر:
تتأثر القدرة على تعلم المعلومات الجديدة في حالة فقدان الذاكرة التقدمي.
ضعف القدرة على تذكر الأحداث الماضية.
قد تكون الذكريات الكاذبة إما مخترعة كلياً وإما تتكون من ذكريات حقيقية في غير محلها في الوقت المناسب، في ظاهرة تُعرف باسم Confabulation.
تشير الحركات غير المتناسقة والرعشة إلى مشاكل عصبية قد ترافق فقدان الذاكرة الانتقائي.
الارتباك.
قد تكون هناك مشاكل في الذاكرة قصيرة المدى أو فقدان جزئي أو كلي للذاكرة.
قد يكون الشخص غير قادر على التعرف على الوجوه أو المواقع.
علاج
يتمثل أحد الأهداف الأساسية لعلاج فقدان الذاكرة الانتقائي في ضمان سلامة المريض والأشخاص المحيطين به. تشمل أكثر طرق العلاج فعالية على سبيل المثال لا الحصر:
العلاج النفسي
العلاج السلوكي المعرفي
العلاج الأسري
التنويم المغناطيسي السريري
العلاج الإبداعي
كلمات مفتاحية :
آخر الأخبار