التسريحات الجماعية في الخارجية الأميركية تربك سياسات ترمب

أمس, 18:05

+A -A

الغد برس/ متابعة

كشف مسؤولون سابقون وحاليون لدى وزارة الخارجية الأميركية أن تسريح عدد كبير من موظفيها يمكن أن يؤثر بشكل كبير على قدرة إدارة الرئيس دونالد ترمب على معالجة الأولويات التي حددها خلال حملته الانتخابية، ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

 

وأدت عمليات التسريح لزهاء 1300 من موظفي وزارة الخارجية إلى تفجر خلافات حادة خلال جلسات استجواب عقدتها لجنتا الشؤون الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ، عندما حاول مسؤول حكومي تبرير الإجراءات الناجمة عن خطة الإصلاح الجذرية التي أعدها وزير الخارجية ماركو روبيو لإعادة تنظيم هذه الوكالة الفيدرالية. وجاءت عمليات الطرد بمثابة خطوة أذهلت القوى العاملة الدبلوماسية الأميركية، ليس فقط مع انتهاء مسيرتهم المهنية فجأة، بل أيضاً مع تساؤلهم عمن سيتولى العمل الحاسم للحفاظ على سلامة الولايات المتحدة، وقدرتها التنافسية على الساحة العالمية.

 

وشملت عمليات التسريح الجماعية عشرات الموظفين الذين يُركزون على قضايا تفيد إدارة ترمب بأنها ليست من أولوياتها، بما في ذلك فرق تُعنى بتغير المناخ، وقضايا المرأة العالمية، والتبادل التعليمي، واللاجئين، وإعادة توطين الأفغان. غير أنها تضمنت أيضاً عاملين على أولويات حددها الرئيس ترمب لولايته الثانية، ومنها مكافحة تزوير جوازات السفر والتأشيرات، والتصدي للصين، ومكافحة الإرهاب، ووقف تهريب المخدرات، ودبلوماسية الطاقة. وبين المفصولين الآخرين خبراء مسؤولون عن التعامل مع تزوير التأشيرات وغسل الأموال في روسيا وأوروبا الشرقية، بالإضافة إلى المنظمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية وتزوير تأشيرات العمال المهاجرين في المكسيك وأميركا الوسطى.

 

وفي مذكرة صدرت يوم الجمعة الماضي لإعلان بدء عمليات الفصل، أكدت وزارة الخارجية أن التخفيضات «صُممت بعناية لتشمل الوظائف غير الأساسية، والمكاتب المكررة أو الزائدة عن الحاجة، والمكاتب التي يمكن تحقيق كفاءة كبيرة فيها من خلال مركزية أو دمج الوظائف والمسؤوليات».

 

خطورة الخطوة

ومع ذلك، يحذر المسؤولون من أن انعدام الاستمرارية وفقدان الخبرة قد يُشكلان خطراً. وقال مسؤول سابق في وزارة الخارجية إن «فقدان هذا القدر الكبير من الخبرة سيُصعب على الولايات المتحدة منع الإرهابيين من شن هجوم إرهابي كبير بنجاح على الأراضي الأميركية».

 

وعلى رغم أن بعض مكاتب واشنطن العاصمة التي تأثرت بالتسريحات حددت للإلغاء بموجب خطة الإصلاح الجذرية التي أعلنها روبيو لإعادة تنظيم وزارة الخارجية، نقلت شبكة «سي أن أن» للتلفزيون عن مصادر أن «العديد من عمليات الفصل كانت مفاجئة حتى للمديرين».

 

وكان عدد من الموظفين المفصولين عمل في هذه الوكالة الفيدرالية لعقود. وبينهم زهاء 250 موظفاً في السلك الخارجي، وبينهم بعض الموظفين الذين كانوا على وشك العمل في مكاتب أخرى.

 

وكان روبيو صرح بأن وزارة الخارجية يمكن تُوسّع مكتب الشؤون القنصلية، المسؤول عن التأشيرات وجوازات السفر ومساعدة المواطنين في الخارج، بغية تلبية الطلب على النشاطات المقبلة في الولايات المتحدة مثل الألعاب الأولمبية وكأس العالم.

 

وأكد نائب وزير الخارجية للشؤون الإدارية مايكل ريغاس للمشرعين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأربعاء أن الأشخاص الذين «يُقيّمون جوازات السفر، والذين يقومون بعمل خدمة العملاء الذي نرغب في استمراره، لم يقلصوا أو يلغوا».

 

ولم يقتنع بعض السيناتورات بحجج ريغاس. وتفجر خلاف حاد في الجلسة بعدما اتهم السيناتور الديمقراطي كوري بوكر ريغاس بالكذب على المشرعين هذا الأسبوع في شأن مدى تخفيض عدد الموظفين. وبدا بوكر غاضباً وهو يعرض قائمةً بما وصفه بتصريحات خاطئة، وأنصاف حقائق، وأكاذيب في شهادة ريغاس أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في اليوم السابق بشأن عمليات الفصل. وخاطبه: «سيدي، لم تكن صادقاً. رأيتك تكذب على هذه اللجنة، ورأيتك تكذب على لجنة مجلس النواب».

 

القول والفعل

وتأتي هذه التخفيضات في الوقت الذي طبّقت فيه الإدارة مستويات جديدة من التدقيق على الراغبين في الحصول على تأشيرات طلابية وتبادل إلى الولايات المتحدة. وقال مسؤول سابق آخر في وزارة الخارجية إنه «من الصعب التوفيق بين هذا وما دأبت الإدارة على قوله».

 

وتأثر مكتب مكافحة الإرهاب بشكل كبير بإعادة التنظيم رغم نقل بعض وظائفه إلى أقسام أخرى في وزارة الخارجية، مثل المكاتب التي تُركز على القضايا الإقليمية أو المتعددة الأطراف. ويُحذر المسؤولون من أن هذه المكاتب قد لا تُعطي مكافحة الإرهاب أولوية.

 

وجرى تسريح جميع موظفي المكتب الذي كان يُركز على مكافحة التطرف العنيف. وشمل ذلك الذين يعملون على إعادة دمج المقاتلين الإرهابيين الأجانب في أماكن مثل سوريا، أو الذين يستهدفون التطرف العنيف بدوافع عنصرية، أو عرقية، مثل جماعات تفوق العرق الأبيض.

 

وفيما يتعلق بدبلوماسية الطاقة، يقول مسؤولون سابقون إن هناك فجوة أخرى. وصرّح مسؤول سابق آخر بأن عدد العاملين في دبلوماسية الطاقة في الوزارة سينخفض من نحو 100 شخص إلى 35 شخصاً، مما سيعوق قدرة الوزارة على تحقيق إحدى أولوياتها. وقال: «سيكون عدم حضور مؤتمرات الطاقة الدولية إحدى عواقب ذلك. وهذا يعني خسارة صفقات تجارية حقيقية. في تلك الاجتماعات، نطرح طلبات الشركات الأميركية على كبار المسؤولين من دول أخرى. وفي هذه المؤتمرات، هناك مشاركة صينية كبيرة. إذا لم تتحدث الدول معنا، فإنها ستتحدث إلى الصين».

 

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن موظف متخصص في المنافسة الاستراتيجية مع الصين أن قرار تسريح الموظفين الذين لديهم معرفة مؤسسية وثقافية بالصين ويتحدثون لغتها قد يُعرّض الولايات المتحدة للخطر. وذكر أن روبيو وصف الصين أخيراً بأنها «أكبر خطر على الولايات المتحدة على المدى الطويل».

 




كلمات مفتاحية :



آخر الأخبار