+A
-A
الغد برس/ متابعة
غداة استهداف القوات الأميركية لأربعة قوارب ومقتل 14 شخصاً كانوا على متنها، تزايدت المخاوف من اتساع رقعة الحملة العسكرية التي تقودها إدارة الرئيس دونالد ترمب ضد العصابات المتهمة بنقل المخدرات عبر البحر الكاريبي والمحيط الهادئ إلى الولايات المتحدة، واحتمال أن تؤدي إلى صِدام عسكري مباشر مع فنزويلا أو حتى كولومبيا.
وتفاقم الوضع مع إعلان الرئيس ترمب قبل أيام أن العمليات العسكرية التي بدأت في مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي في جنوب البحر الكاريبي، ثم اتسعت إلى غارات في المحيط الهادئ، ستشمل قريباً استهداف عصابات المخدرات بعمليات برية على الأراضي الفنزويلية والكولومبية، في خطوة يمكن أن تواجه انتقادات أكثر حدة حتى من المشرعين الأميركيين، فضلاً عن التشكيك بمشروعيتها بموجب القوانين الدولية. وفي ظل عدم تقديم إدارة ترمب أي أدلة على أن القوارب المستهدفة كانت محملة بالمخدرات، ذهبت صحيفة «واشنطن بوست» إلى وصف «ما تقوم به الولايات المتحدة في أعالي البحار» بأنه «قرصنة».
وأدت الحملة المتواصلة منذ نحو شهرين والحشد العسكري الأميركي الضخم في المنطقة إلى فتح أبواب التكهنات بأن هذه التحركات تهدف إلى إطاحة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي اتهمته الولايات المتحدة بالإرهاب المرتبط بالمخدرات. واستأثرت هذه التطورات باهتمام بالغ في الأميركيتين على رغم إعصار «ميليسا» القاتل الذي يضرب كل جامايكا وكوبا، ورحلة الرئيس الأميركي للمشاركة في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آسيان) في كوريا الجنوبية.
وجاء ذلك بعد يوم واحد من إعلان وزير الدفاع بيت هيغسيث، الثلاثاء، أن القوات الأميركية نفذت ضربات في شرق المحيط الهادئ ضد أربعة قوارب؛ ما أدى إلى مقتل 14 شخصاً، ونجاة راكب واحد في أعنف هجوم منذ بدء حملة ترمب ضد تهريب المخدرات. ونشر هيغسيث لقطات للضربات على وسائل التواصل الاجتماعي، وفيهما يمكن رؤية قاربين يتحركان عبر المياه في لقطات منفصلة. أحدهما محمل بكمية كبيرة من الطرود. ثم انفجر كلاهما فجأة وشوهدا مشتعلين. ويبدو أن الضربة الثالثة نُفذت ضد قاربين كانا ثابتين في المياه جنباً إلى جنب. ويبدو أنهما كانا فارغين. وشوهد شخصان يتحركان قبل أن يلتهم الانفجار القاربين. وقال هيغسيث إن «السفن الأربع كانت معروفة لجهاز استخباراتنا؛ إذ كانت تمر عبر طرق معروفة لتهريب المخدرات، وتحمل المخدرات».
المكسيك لا توافق
وأفاد بيان لمسؤول في وزارة الدفاع (البنتاغون) بأن الضربات نُفذت، الاثنين، قبالة سواحل كولومبيا، مضيفاً أنه بعد الهجوم، رصد الجيش شخصاً في المياه متشبثاً ببعض الحطام، ونقل الموقع الدقيق للشخص الناجي إلى خفر السواحل الأميركيين وطائرة عسكرية مكسيكية كانت تعمل في المنطقة.
وأعلنت البحرية المكسيكية أنها تبحث على بعد نحو 400 ميل (نحو 645 كيلومتراً) جنوب غربي مدينة أكابولكو المطلة على المحيط الهادئ؛ ما يشير إلى احتمال أن تكون الضربة وقعت بعيداً عن كولومبيا وأقرب إلى ساحل المكسيك. وقال هيغسيث إن سلطات البحث والإنقاذ المكسيكية «تحملت مسؤولية تنسيق عملية إنقاذ» الناجي الوحيد من الهجوم، لكنه لم يوضح ما إذا كان أُنقذ بنجاح أم سيبقى في عهدة المكسيك أم سيسلم إلى الولايات المتحدة؟
وأدى الهجوم إلى توتر العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. صرحت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم خلال مؤتمرها الصحافي اليومي بأنها طلبت من وزير الخارجية مقابلة السفير الأميركي في المكسيك لمناقشة هذه القضية؛ لأننا «لا نوافق على هذه الهجمات»، مضيفة: «نريد احترام كل المعاهدات الدولية».
كما أدت الهجمات إلى توتر العلاقات مع حلفاء تاريخيين آخرين، مثل كولومبيا، التي تُعدّ معلوماتها الاستخبارية بالغة الأهمية لعمليات مكافحة المخدرات الأميركية في المنطقة. وفي تصعيد للنزاع مع الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، وهو أول زعيم يساري في بلاده، الذي فرضت إدارة ترمب الجمعة الماضي عقوبات عليه وعلى عائلته وعضو آخر في حكومته؛ بسبب اتهامات بالتورط في تجارة المخدرات العالمية.
وفي هجوم آخر نُفذ سابقاً هذا الشهر، أنقذ الجيش الأميركي ناجيين وأعادهما إلى بلديهما كولومبيا والإكوادور. وأطلقت سلطات كيتو الرجل الإكوادوري بعدما أعلن المدعون العامون أنه لا يوجد دليل على ارتكابه جريمة في الإكوادور.
أسوأ من «القاعدة»
ولم تقدم إدارة ترمب أي دليل يدعم ادعاءاتها في شأن القوارب، أو صلتها بعصابات المخدرات، أو حتى هوية الأشخاص الذين قتلوا في الضربات الـ13 المعلنة حتى الآن، والتي أدت إلى مقتل 57 شخصاً على الأقل. وقالت إدارة ترمب إن كثيراً من الضربات نُفذ قبالة سواحل فنزويلا، أو ألقت باللوم فيها على عصابة «ترين دي أراغوا»، التي نشأت في سجن فنزويلي، وأعلنتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية أجنبية. وفي إعلانه الضربات الأخيرة، واصل هيغسيث المقارنة بين إجراءات الجيش ضد تهريب المخدرات والحرب على الإرهاب في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، مضيفاً أن الكارتلات «قتلت أميركيين أكثر مما قتلت (القاعدة)، وستُعامل بالمثل».
وبعدما أعلن البنتاغون الأسبوع الماضي إرسال حاملة الطائرات «يو إس إس جيرالد فورد» للانضمام إلى السفن الحربية الثماني وآلاف الجنود الموجودين بالفعل في المنطقة، قال مادورو إن الحكومة الأميركية «تختلق» حرباً ضده.
وأصرّ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي يتولى أيضاً منصب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، على أن الولايات المتحدة تشارك في عملية لمكافحة المخدرات، بينما اتهم حكومة مادورو بالسماح بشحن المخدرات والمشاركة فيه.
وزادت واشنطن في أغسطس (آب) الماضي مكافأتها إلى 50 مليون دولار، لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال مادورو.
كما أرسل الجيش الأميركي قاذفتين ثقيلتين أسرع من الصوت من طراز «بي 1 لانسر» حلقتا قبالة سواحل فنزويلا، إضافة إلى غواصة تعمل بالوقود النووي ونشر مقاتلات من طرازي «إف - 35» و«إف - 16» ومسيَّرات ثقيلة وآلاف الجنود في المنطقة.
كلمات مفتاحية :