التخطيط: أجرينا تعداداً للبدو الرحل في النجف والمثنى ونينوى والأنبار وذي قار
اليوم, 14:30
على الرغم من أنها تبدو قرية عادية، إلا أن "آمي دونج" في مدينة بوسان، بكوريا الجنوبية، بها علامة مميزة وغريبة، إذ أُسُست المنازل، والجدران، والسلالم، من شواهد قبور منقوشة بأحرف يابانية.
قرية "آمى دونج"، والمعروفة بقرية شواهد القبور الثقافية، تم بناءها خلال أوج الحرب الكوريّة، والتي اندلعت في عام 1950 بعد غزو كوريا الشمالية لكوريا الجنوبية، وهو ما أدى لنزوح أعداد هائلة من الأشخاص في جميع أنحاء شبه الجزيرة الكورية، بما في ذلك أكثر من 640 ألف كوري شمالي عبروا لجانب كوريا الجنوبية، وفقا لموقع "سي إن إن" عربية.
فيما توجّه العديد من اللاجئين والهاربين من الحرب إلى مدينة بوسان الواقعة على الساحل الجنوبي الشرقي لكوريا الجنوبية، وهي واحدة من بين مدينتين فقط لم تحتلهما كوريا الشماليّة مطلقًا خلال الحرب، وكانت الأخرى هي دايجو الواقعة على بُعد 88 كيلومترًا، وأصبحت بوسان عاصمة مؤقتة لكوريا وقتها، كما أصبحت اخر معقل للسلطة الرسمية.
الوافدون الجدد على الرغم من شعورهم بالأمان، إلا أنهم وجدوا أنفسهم أمام مشكلة، العثور على مكان للعيش فيه، وكانت المساحة والموارد شحيحة، واستُنزفت بوسان إلى أقصى حدودها لاستيعاب تدفّق الأشخاص، ووجد البعض الحل في قرية "آمي دونج"، وهي محرقة ومقبرة تقع عند سفح جبال بوسان بُنيت خلال احتلال اليابان لكوريا من عام 1910 إلى عام 1945.
وفي الفترة الاستعمارية، طُوِّرت الأراضي المسطّحة الصالحة للعيش في بوسان، ومناطق وسط المدينة بجانب الموانئ البحريّة كأراضي يابانية، فيما استقرّ العمال الأكثر فقرًا في المناطق الداخلية، بالقرب من الجبال، حيث احتضنت مقبرة "آمي دونج" في إحدى الأيام رماد الموتى اليابانيين.
شواهد القبور العلامة المميزة في كل منازل القرية، احتوت على تفاصيل المتوفين، مثل الأسماء، وتواريخ الميلاد، والوفاة، وكانت التفاصيل منقوشة بأحرف الـ"كانجي"، والـ"هيراجانا"، والـ"كاتاكانا"، وأشكال أخرى من النصوص اليابانيّة، ولكن هُجِرت منطقة المقبرة بعد انتهاء الاحتلال الياباني.
وعند تدفّق اللاجئين بعد اندلاع الحرب الكوريّة، تم تفكيك تلك المقابر، واستخدامها لبناء مجموعة مكتظّة من الأكواخ، ما أدّى في النهاية إلى إنشاء "قرية" داخل ما أصبح مدينة مترامية الأطراف، وأصبحت المنطقة مركزًا للحياة المجتمعيّة، والقدرة على البقاء، حيث حاول اللاجئون إعالة أسرهم من خلال بيع السلع، والخدمات في أسواق بوسان.
وكتب باحث كوري، يدعى كيم جونج ها من جامعة كوريا البحرية، ورقة بحثية وقال فيها: "كانت آمي دونج الحد الفاصل بين الحياة، والموت بالنسبة لليابانيين، وبين المناطق الريفيّة، والحضريّة للمهاجرين، وبين مسقط الرأس، ومكان غير مألوف للاجئين".
وفي 27 تموز عام 1953، تم توقيع هدنة، والتي أوقفت الصراع بين الكوريتين، ولكن لم تنته الحرب رسميًا قط لعدم وجود معاهدة سلام، وبعدها غادر العديد من اللاجئين المتواجدين في بوسان للاستقرار في مكان آخر، وبقي بعضهم مع تحوّل المدينة لمركز للإنعاش الاقتصادي.
وفي "آمي دونج"، تم ترميم العديد من المنازل على مرّ الأعوام، ولكن لا تزال بقايا الماضي موجودة، وحتى هذه اللحظة، يمكن رؤية شواهد القبور تحت عتبات الأبواب، والسلالم، وفي زوايا الجدران الحجريّة، ورُغم أن بعض الشواهد لا تزال تحمل نقوشًا واضحة، إلا أن بعضها تلاشت بمرور الزمن لدرجة أن النصوص لم تعد مقروءة.
وعلى مرّ الأعوام، أبلغ السكان عن مشاهدتهم لما اعتقدوا أنها أشباح اليابانيين المتوفين، ووصفوا ظهور واختفاء أشخاص يرتدون الـ"كيمونو"، بحسب ما كبته كيم، وأضاف كيم أن الفولكلور يعكس اعتقادًا شائعًا ينص على ارتباط أرواح الموتى برمادهم، أو بقاياهم، والتي تعرّضت لمظاهر الاضطراب في القرية.
كلمات مفتاحية :
آخر الأخبار