التخطيط: أجرينا تعداداً للبدو الرحل في النجف والمثنى ونينوى والأنبار وذي قار
اليوم, 14:30
الغد برس/متابعة
تخبرنا العمليات العسكرية التي تجري على أكثر من جبهة في العالم من أوكرانيا حتى غزة أن عصرا جديدا من الحروب باستخدام الذكاء الاصطناعي قد أصبح واقعا لا يمكن التنكر له أو الاستهانة به. وعلى الرغم من الاتجاهات المتداخلة والمتغيرة في هذا العصر الجديد من عسكرية، واقتصادية، وأخلاقية، إلا أن الثابت الوحيد الذي يبرز كتحدٍ مُلحٍ هو سرعة الاختراق الذي يحققه الذكاء الاصطناعي في القطاع العسكري بشكل لا تواكبه المنظومات السياسية والعسكرية القائمة ولا حتى البنى المؤسساتية والأخلاقية.
هناك تسابق محموم بين الدول المتقدمة إلى إحداث طفرات متسارعة في إدماج الذكاء الاصطناعي في المنظومات القتالية لديها وهو الأمر الذي استتبعه ظهور تخوفات جدية من أن البشرية على أعتاب تسابق تسلح "ذكي" ربما يكون له تبعات خطيرة على النظام الدولي ومراكز القوى فيه على المدى المنظور.
وفي ظل غياب توافق بين الدول العظمى على أسس ناظمة لتأطير دمج واستخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب بما يضمن عدم الإخلال بالمبادئ المكتسبة لحقوق الإنسان وقواعد السلم والحرب، فإن القوى الأسبق في عملية الدمج هذه هي التي سيكون لها اليد العليا في رسم سياسات ومنهجيات وقواعد استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب من حيث الممارسة والتطبيق.
والاستنتاج الأخير هذا يزيد من قتامة المشهد من ناحية أن أي تبنٍ جديد لتكنولوجيا حديثة في العمل العسكري يطلب بشكل عام توفر شرطين اثنين يتعلق أولهما ببيئة الصراع، والآخر بالفواعل المنخرطة بالعمليات القتالية. وبالنظر إلى أن التفصيل في هذين الشرطين لا تسمح به مساحة هذا المقال، يكفي النظر إلى بيئات الصراع الساخنة على الساحة الدولية في الوقت الراهن وطبيعة الفواعل لنستنتج أن المخاوف من الذكاء الاصطناعي في الحروب حقيقية ولا يمكن الاستهانة بها.
فمن جهة الفواعل هناك لاعبون ينتمون لأنظمة شمولية لا يكترثون أبدا لقيمة الإنسان بغض النظر عن بيئة القتال أكان فيها الإنسان مقاتلا أم مدنيا مثل الصين وروسيا على سبيل المثال. وهناك لاعبون آخر ينتمون لأنظمة ديمقراطية تتشدق بحقوق الإنسان والليبرالية. وبالرغم من محاولة هؤلاء اللاعبين (مثل الولايات المتحدة وإلى حد ما إسرائيل) سن بعض القوانين الناظمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المجهود الحربي، إلا أنهم في ظل شن عملياتهم ضمن بيئات يوجد فيها بشر لا يرتقون بنظرهم للإنسان بمفهومه الغربي، فإنهم لا يتورعون عن الذهاب بعيدا في استخدام التكنولوجيا بشكل ينتهك كل الأعراف الإنسانية. بالنتيجة، وإذا لم يكن هناك جهد حقيقي من قبل الدول المؤثرة تحت رعاية الأمم المتحدة لإحداث بروتكولات جدية وملزمة لترشيد استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الحربي فإن المستقبل سيكون قاتما بالفعل في ظل الممارسات الحالية.
في هذا السياق يكفي النظر إلى الكيفية التي استخدمت فيها إسرائيل الذكاء الاصطناعي في حربها على غزة للتأكد من أن هذه المخاوف ليست مجرد بكائيات لأشخاص يعانون من رهاب المستقبل أو لديهم عقد تكنونفسية. لقد أدى استخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعي في حربها ضد غزة إلى اختراق كل الأعراف الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومواثيق جنيف؛ وأوقعت ما بين قتيل وجريح آلاف الضحايا من المدنيين العزل. وهي بذلك تؤسس لسابقة خطيرة إذ تعتبر من أولى الدول وأكثرها تقدما في أسلحة التكنولوجيا الحديثة.
كلمات مفتاحية :
آخر الأخبار