السوداني: الحكومة تولي أهمية لتعزيز روابط الشراكة الاقتصادية مع الشركات الأوروبية
اليوم, 15:22
الغد برس/متابعة
كشفت تجارب حديثة أن لب كوكب المريخ تشكل خلال فترة وجيزة لا تتجاوز بضعة ملايين من السنين، وهي فترة تعد طرفة عين مقارنة بالمليار سنة التي استغرقها تكوّن لب الأرض.
وتتكون الكواكب من طبقات متعددة تشبه إلى حد ما طبقات البصل. حيث تمثل القشرة السطح الذي نقف عليه، يليها الوشاح، ثم اللب الخارجي الصلب واللب الداخلي المنصهر الذي يدور مولدا المجال المغناطيسي للكوكب.
ويعرف هذا التقسيم الطبقي بـ"التمايز الكوكبي"، حيث تنفصل العناصر الثقيلة، مثل الحديد والنيكل لتستقر في مركز الكوكب، بينما تبقى العناصر الخفيفة مثل السيليكات في الطبقات الخارجية. لكن المفارقة تكمن في أن النظريات السابقة افترضت أن هذه العملية تتطلب انصهار باطن الكوكب بالكامل بفعل الحرارة الناتجة عن التحلل الإشعاعي للألومنيوم-26 والحديد-56 - وهي العملية التي استغرقت مليار سنة أو أكثر لتشكيل لب الأرض.
لكن المريخ يحمل لغزا مختلفا. فتحليل النيازك المريخية يشير إلى أن لب الكوكب الأحمر تشكل في غضون ملايين قليلة من السنين فقط بعد ولادة النظام الشمسي، وهو ما حير العلماء لعقود، حيث لم تتمكن نماذج تكوين النظام الشمسي من تفسير هذه السرعة الفائقة.
ويعتقد فريق من مركز جونسون للفضاء التابع لناسا أنهم وجدوا الإجابة. فمنذ 4.5-4.6 مليار سنة، تشكلت الكواكب من قرص غازي وغباري حول الشمس الناشئة. وفي المنطقة التي تشكل فيها المريخ، تواجد الحديد والنيكل بكثرة، لكن مع وجود عناصر أخف مثل الأكسجين والكبريت الذي يتميز برائحة كريهة تشبه البيض الفاسد.
وأظهرت التجارب الجديدة أن الخليط المنصهر من الحديد والنيكل والكبريت استطاع التسلل عبر الصخور الصلبة في المريخ البدائي دون الحاجة لانصهارها بالكامل.
وقام الفريق البحثي بمحاكاة الظروف القاسية للمريخ المبكر في المختبر، حيث عرضوا عينات صخرية لدرجات حرارة تفوق 1000 درجة مئوية. وباستخدام تقنيات تصوير متطورة، تمكنوا من مراقبة كيف تسلل خليط الحديد والنيكل والكبريت المنصهر عبر شقوق دقيقة في الصخور الصلبة، في مشهد ثلاثي الأبعاد مذهل كشف عن آلية كانت مجهولة سابقا.
ولتأكيد صحة هذه الظاهرة خارج المختبر، لجأ العلماء إلى النيازك القديمة التي تحمل بصمات كيميائية لتلك الحقبة. وكشف تحليل هذه النيازك عن أنماط كيميائية متطابقة مع تلك الناتجة عن التجارب المخبرية، ما قدم دليلا دامغا على أن هذه العملية حدثت بالفعل في الماضي السحيق.
وهذا الاكتشاف لا يقتصر تأثيره على فهمنا للمريخ فحسب، بل يفتح نافذة جديدة على فهم عملية تكون الكواكب الصخرية بشكل عام. فهو يشير إلى أن الأجسام الكوكبية المتوسطة الحجم في المناطق الوسطى من النظام الشمسي المبكر قد تكون جميعها مرت بهذه المرحلة السريعة من تكون اللب.
ومن النتائج المثيرة للاهتمام أن هذا النموذج يتنبأ بأن لب المريخ يجب أن يكون غنيا بالكبريت، وهي خاصية قد تساعد على تفسير العديد من الخصائص الجيولوجية والفيزيائية الفريدة للكوكب الأحمر. كما يقدم تفسيرا مقنعا للفارق الهائل في التطور بين الأرض والمريخ، رغم أنهما تشكلا في نفس الحقبة الزمنية تقريبا.
كلمات مفتاحية :