مفوضية الانتخابات: تمديد فترة تسجيل التحالفات حتى 14 أيار الحالي
أمس, 13:46
الغد برس / متابعة
يُمهّد تطور رائد في الطب الدقيق الطريقَ لعلاجاتٍ أكثر استهدافاً وأقلّ سميةً للأطفال الذين يُكافحون السرطان في جميع أنحاء المملكة المتحدة. وقد أظهرت المرحلة الأولى من «برنامج طب الأطفال الطبقي» قدرة الاختبارات الجينية المُتقدّمة على إحداث نقلة نوعية في بروتوكولات العلاج، لا سيما للمرضى الصغار الذين عاد السرطان إليهم.
تتبع الأورام من خلال الدم
يسعى برنامج طب الأطفال الطبقي (SMPaeds1) Stratified Medicine Paediatrics إلى تلبية حاجةٍ مُلحّة وهي فهم كيفية تطوّر سرطانات الأطفال من مرحلة التشخيص إلى الانتكاس. ومن خلال تحليل الأورام في مراحلها المختلفة كشف المشروع عن رؤىً ثاقبةٍ حول التغيرات الجينية التي تحدث أثناء تطوّر السرطان. وكان باحثون في معهد أبحاث السرطان في لندن في طليعة هذا الجهد، حيث قدّموا الاستخدام المُبتكر للحمض النووي (دي إن إيه) للورم المنتشر (ctDNA) circulating tumour DNA وسيلةٍ لتتبع هذه التغيرات.
ويُقدّم فحص الحمض النووي للورم المنتشر -وهو عبارة عن شظايا صغيرة من الحمض النووي تُفرزها الخلايا السرطانية في مجرى الدم- بديلاً أقل تدخلاً من خزعات الأنسجة التقليدية.
ولا يُقلّل هذا النهج المُبتكر من الحاجة إلى التدخلات الجراحية فحسب، بل يُقدّم أيضاً صورةً ديناميكيةً لأنماط طفرات الورم مع مرور الوقت. ووفقاً للدراسة يُمكن لاختبار الحمض النووي للورم المنتشر الكشف عن طفرات جينية إضافية قد لا تُلاحظها تحليلات الأنسجة التقليدية ما يُوسّع نطاق أهداف العلاج المُحتملة.
وقد أُجريت أكبر دراسة من نوعها نشرت في مجلة «Cancer Discovery» في 4 فبراير (شباط) الماضي تجمع بين مطابقة الحمض النووي للورم المنتشر وتسلسل الأنسجة بقيادة البروفسور لويس تشيسلر أستاذ بيولوجيا سرطان الأطفال في معهد أبحاث السرطان واستشاري، أورام الأطفال في مؤسسة رويال مارسدن التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية إلى جانب الدكتورة سالي جورج رئيسة مجموعة علم الأورام التنموي.
وأشارت الدكتورة سالي جورج إلى أن تحليل الحمض النووي للورم المنتشر يُمكن أن يُضيف معلومات قيّمة. ويكشف في بعض المرضى عن طفرات إضافية في الحمض النووي تُغفلها الخزعات التقليدية. وقد مهدت هذه النتائج الطريق للانتقال من الاختبارات القائمة على الأبحاث البحتة إلى التطبيقات السريرية، مما قد يُحدث ثورة في كيفية مراقبة سرطانات الأطفال، وعلاجها.
من المختبر إلى العيادة
ويتجاوز تأثير هذا البحث الاكتشاف العلمي. فقد أعرب عمار نهر، الرئيس التنفيذي لجمعية الأطفال المصابين بالسرطان في المملكة المتحدة، والذي لم يشارك بالدراسة، عن حماسه قائلاً إنه يفتخر بالمشاركة في مشروع رائد في تطوير الطب الدقيق في المملكة المتحدة. ويقول إن مهمتنا تكمن في خلق عالم ينجو فيه كل طفل وشاب من السرطان. وتمثل برامج طب الأطفال الطبقي خطوة مهمة نحو هذا الهدف. ولا تُؤكد نتائج طب الأطفال الطبقي على إمكانات اختبار الحمض النووي للورم المنتشر فحسب، بل تُوجه أيضاً أولويات البحث المستقبلية من خلال تحديد طفرات الحمض النووي التي تزداد بروزاً عند الانتكاس. وقد يؤدي فهم هذه الطفرات في النهاية إلى تطوير علاجات مُستهدفة جديدة، وأكثر فعالية.
وبناءً على نجاح المرحلة الأولى يجري حالياً تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج طب الأطفال الطبقي بتمويل مشترك من منظمة الأطفال المصابين بالسرطان، ومؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، حيث يهدف مشروع طب الأطفال الطبقي (المرحلة الثانية) إلى توسيع نطاق هذا النهج المبتكر ليشمل كلاً من سرطانات الدم، والأورام الصلبة، بما في ذلك تلك الموجودة في مناطق صعبة، مثل الدماغ، والعضلات، والعظام. وعلقت الدكتورة لورا دانييلسون رئيسة أبحاث الأطفال والشباب في مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة قائلةً: تُظهر هذه البيانات أن تحليل الحمض النووي للورم المنتشر يُقدم صورة أكثر اكتمالاً لتطور الورم، وهي بالغة الأهمية، ويمهد هذا العمل الطريق لفهم أفضل لمقاومة العلاج، والانتكاس، مع الأمل في تطوير علاجات أكثر استهدافاً.
ويؤكد التعاون بين أبرز المؤسسات البحثية والجمعيات الخيرية على الالتزام المشترك بتحسين النتائج لمرضى السرطان الشباب. ومع استمرار الاستثمار والبحث من المتوقع أن تُصبح الاختبارات الجينية وتحليل الحمض النووي للورم المنتشر جزءاً لا يتجزأ من علم أورام الأطفال، مما يُبشر ليس فقط بتحسين معدلات البقاء على قيد الحياة، بل أيضاً تحسين جودة الحياة أثناء العلاج، وبعده.
مستقبلٌ مليءٌ بالأمل والابتكار
ومع دخول برنامج طب الأطفال الطبقي يُمثل دمج هذه الرؤى الجينية في الممارسة السريرية قفزة نوعية إلى الأمام في مجال الطب الشخصي. ويقدم هذا البحث المبتكر أملاً جديداً للعائلات في جميع أنحاء البلاد، ويقربنا من مستقبل يكون فيه علاج السرطان أكثر دقة، وأقل إرهاقاً للمرضى الأصغر سناً.
وتتجاوز آثار هذا البحث التطبيقات السريرية المباشرة. فمن خلال تصنيف الطفرات التي تظهر عند الانتكاس يمكن للعلماء إعطاء الأولوية للأهداف عالية التأثير لتطوير الأدوية. وبالنسبة للعائلات التي تواجه كابوس انتكاس سرطان الأطفال تُحيي هذه الدراسة الأمل في أن تكون العلاجات المستقبلية أكثر فعاليةً، وألطف.
ومع تقدم المرحلة الثانية من برنامج طب الأطفال الطبقي يبقى التركيز على ترجمة الاكتشافات المختبرية إلى حلول عملية. في الوقت الحالي الرسالة واضحة، ألا هي أن دمج المعرفة الجينية والتكنولوجيا قليلة التوغل يُعيد صياغة قواعد رعاية سرطان الأطفال، أي فحص دم واحد في كل مرة.
كلمات مفتاحية :
آخر الأخبار